[استقبال شهر رمضان]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أمَّا بَعْد:
اعلموا أنه قد أظلكم شهر عظيم وموسم كريم تضاعف فيه الحسنات وتعظم فيه السيئات، إنه شهر رمضان، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:١٨٥] إنه شهر الصيام والقيام، شهر الصدقات والبر والإحسان، شهرٌ تفضل الله به على هذه الأمة بخمس خصال لم تعطها أمة من الأمم:
الخصلة الأولى: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
الخصلة الثانية: تستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا.
الخصلة الثالثة: يُزيِّن الله فيه كل يوم جنته ويقول: {يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المئونة والأذى ويصيروا إليك}.
الخصلة الرابعة: تصفد فيه مردة الشياطين، فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره.
الخصلة الخامسة: يغفر الله لهذه الأمة في آخر ليلة منه.
شهر من صامه إيماناً بالله واحتساباً لثواب الله؛ غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيماناً واحتساباً؛ غفر الله له ما تقدم من ذنبه، شهر تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النيران، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان يفرح بهما: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه} يفرح عند فطره بأمرين:
الأمر الأول: باستكمال صوم اليوم الذي من الله عليه بصيامه وقواه عليه.
الأمر الثاني: بتناول ما أحل الله له من طعام وشراب.
ويفرح عند لقاء ربه بما يجده عند ربه مدخراً له من أجل الصيام.
واستكثروا في شهر رمضان من أربع خصال اثنتان ترضون بهما ربكم، واثنتان لا غنى لكم عنهما، فأما اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، والاستغفار، وأما اللتان لا غنى لكم عنهما: فتسألون الله الجنة، وتستعيذون به من النار، واحرصوا على الدعاء عند الإفطار فإن في الحديث: {إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد}.
واعلموا أن الصيام إنما شرع ليتحلى الإنسان بالتقوى، ويمنع جوارحه من محارم الله، فيترك كل فعل من الغش والخداع والظلم ونقص المكاييل والموازين، ومنع الحقوق والنظر المحرم وسماع الأغاني المحرمة، ويترك كل قول محرم: من الكذب، والغيبة والنميمة، والسب والشتم، وإن سابه أحد أو شاتمه فيقل: إني صائم، فلا تجعل -أيها المسلم- يوم صومك ويوم فطرك سواء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه}.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والله أعلم.
الشيخ عائض:
أثابكم الله.