[مع من يكون الحوار؟]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اللهم إني أسألك في هذا الموقف الكريم، من على هذا المنبر الكريم، في هذا الجمع الكريم وأنت الكريم, أن تصلح الراعي والرعية، اللهم إن زرع الباطل قد سمبل، وشوك الكفر قد حنظل، فنريد منك حاصدة لا تبقي له بقية.
أبتهل إلى الله في أول هذا الدرس, كما ابتهل رسوله إليه عليه الصلاة والسلام في جنح الظلام وهو يقول كما في صحيح مسلم: {اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل, فاطر السماوات والأرض, عالم الغيب والشهادة, أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم} {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:٢١٣].
أما أخي إمام هذا الجامع والخطيب المفوه الشيخ: عبد الوهاب الطريري فالحقيقة أنني اعتذرت له كلما أثنى، ولم أجد له هذه الليلة عذراً إلا الحب، فإن أثنيت ورددت عليه اتهمت بأنني أحبه، وهذا سرٌ أفشيه في هذا المجلس، وإن سكت ولمته فما أدري
أحبك لا تسأل لماذا لأنني أحبك هذا الحب رأيي ومذهبي
واعلموا -حفظكم الله- أن لهذه المحاضرة سبباً ونسباً، أما سببها فهو الحوار المعلن الذي فوجئت به جزيرة العرب، جزيرة محمد عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، الجزيرة التي جدد توحيدها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من على هذا التراب الطيب الطاهر تفاجئ بحوار، ولكن:
والله لو لاقيتني خالياً لآبي أقوانا مع الغالب
وتخالفنا طائفتان: طائفة لا لقاء بيننا وبينها حتى تترك ما اعتقدت وما حملت، وليس كلامنا في هذا الدرس عنها.
وطائفة تريد أن تجعل نقاط الحوار: الكتاب، والسنة، والكعبة، والمصحف، والصلاة.
فتعرضها للحوار أمام الملأ وكأننا في شك من ديننا، وهؤلاء لنا معهم كلام.
وإنه يؤسفنا أن يبوءوا -كما تفضل الشيخ- المنابر، وأن يسمع لهم، وتحتفل بهم الأمة، وتحشد لهم الحشود ثم لا يمكن دعاة الحق وأهل الحجة الدامغة والحجة البالغة التي يحملونها, وهم أولياء الله عز وجل، الذين يحملون قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام أن يتكلموا ويسمعوا الناس أصواتهم، ويتكلم أولئك للناس ويسمع حوارهم وصوتهم.
وأنا أقول: هنا عدة قضايا:
القضية الأولى: لا يجوز أن يسمع لهم أصلاً بوجود أهل العلم، والفكر، والرأي، ولو أنه يحصل بعض المداخلات، لكن هذه لا تشفي العليل، ولا تروي الغليل.
القضية الثانية: الواجب أنهم يسمعوا لنا، فإن الله يقول لرسوله عليه الصلاة والسلام: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة:٦] يسمع هو لا أن تسمع أنت؛ لأن الحق تحمله أنت، فما نحمله من حق الواجب أن نسمعه غيرنا ولا نسمع منهم الباطل, وسوف أعرج على هؤلاء.