وصل عليه الصلاة والسلام الجعرانة وتأخر بالناس, وأعلن أنه يريد أن يؤدي عمرة, لئلا يتعجل الناس بالذهاب، فتأخر مالك بن عوف النصري قائد القبائل, لأنه سوف يأتي مسلماً فقام صلى الله عليه وسلم يوزع الغنائم, وانظر إلى المتأخرين وقت المغارم ووقت القتال يتقدمون.
فيأتي حكيم بن حزام وهو سيد من سادات قريش من مسلمة الفتح وهو ليس في الإسلام كـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وكان يكسو الكعبة سنة, وقريش جميعها تكسو الكعبة سنة.
فقال: تقدمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: يا رسول الله! أعطني من مال الله، قال: يا حكيم: أتنظر الغنم التي بين الجبلين من غنم هوازن، قال: نعم، قال: هي لك، فأخذها، وأتى في النهار الثاني، وقال: أعطني يا رسول الله، قال: خذ مائة ناقة، وكان ذلك ليتألفه في الإسلام؛ لأنه إذا أسلم أسلم معه ألوف.
فأتى في اليوم الثالث وهو يظن أن الدعوة مفتوحة, كل يوم مائة ناقة، فقال: يا رسول الله أعطني فأعطاه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا حكيم إن هذا المال حِلوٌ خضرٌ، وإن الله مستخلفكم فيه -شارك مسلم البخاري في هذه الرواية-فينظر ماذا تعملون فيه, فإياكم والدنيا، يا حكيم اليد العليا خير من اليد السفلى، اليد العليا هي التي تعطي واليد السفلى هي التي تأخذ، فقال حكيم: والله يا رسول الله, ما أسأل بعدك أحداً ولا أرزأ بعدك أحداً.
فكان حكيم بن حزام متعففاً من أموال الناس, يسقط سوطه وهو على الفرس، فلا يسأل أحداً من الناس أن يرفعه له, بل ينزل يأخذ السوط، حتى أتى أبو بكر فأعطاه من بيت المال فرفض، وأعطاه عمر فرفض، وقال عمر يوم الجمعة:[[يا معشر المسلمين, أشهدكم على حكيم بن حزام أنني أعطيته عطاءه فأبى، فلا يكون خصمي يوم القيامة]] قال حكيم: إنني قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعاهدته، والله لا أرزأ أحداً بعده من الناس, فلن آخذ من أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً.