للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم]

فمن ذا الذي يريد معجزة من الرسول صلى الله عليه وسلم أكبر من أن يأتي برعاة البقر والإبل فيجلسهم مجلس كسرى وقيصر، يتكلمون بالقرآن ويحكمون بالعدل وينشرون الحق؟!

أتطلبون معجزة أكبر من أن يأتي صلى الله عليه وسلم بثلة كانت تعبد الصنم فيوزعهم على ثلاثة أرباع الكرة الأرضية؟!

فهذا ربعي بن عامر أحد أصحابه صلى الله عليه وسلم يدخل على رستم قائد فارس -وقد تكررت هذه لكن تكرر للفائدة- فيقول رستم وهو يضحك من لباس هذا الأعرابي, لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أتى إلى الصحابة لم يفصل لهم ثياباً, أو يهد لهم بشوتاً, ولم يوزع لهم سيارات, أو يفتح دور الرعاية, ولم تكن عندهم مستشفيات, ولا صوامع غلال, نعم.

هم بحاجة إلى هذه الأمور, لكنه صلى الله عليه وسلم أتى ففتح أولاً قلوبهم بالقرآن والسنة, كان يسكن في بيت من الطين، لكن من بيت الطين هذا حول ثلاثة أرباع الكرة الأرضية إلى لا إله إلا الله محمد رسول الله, مات وما في بيته إلا سبعة دنانير وزعت صدقة, وما ترك إلا البغلة والسيف (ذو الفقار) ومع ذلك لا زال في الخافقين.

فبعث صلى الله عليه وسلم أصحابه في مشارق الأرض ومغاربها يهللون ويكبرون, فيقول رستم وهو يضحك على ربعي: جئتم تفتحون الدنيا يا ربعي؟

لأن الصحابة يقولون نفتح الدنيا وصدقوا.

وهذا عقبة بن نافع خرج بفرسه وثلة من الصحابة في أفريقيا , فكان يكبر وكانت الوحوش تدخل جحورها وبيوتها من تكبيره.

لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها سجداتنا والأرض تقذف نارا

كنا نقدم للسيوف صدورنا لم نخش يوماً غاشماً جبارا

وكأن ظل السيف ظل حديقة خضراء تنبت حولنا الأزهارا

أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجوارا

ثم يقول:

لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو نصب المنايا حولنا أسوارا

فهذا عقبة أتدرون ماذا فعل؟

فتح القيروان وخطب الجمعة وذهب، ووصل في الجمعة الثانية إلى المحيط الأطلنطي , فوقف بفرسه ليس عنده زورق أو غواصة أو سفينة أو باخرة وليس عنده طائرة! فقال وهو على فرسه: "والله -يا بحر- لو أعلم أن وراءك أرضاً لخضت بفرسي هذا البحر حتى أرفع لا إله إلا الله محمد رسول الله".

قال رستم: جئتم تفتحون الدنيا بهذا الفرس المعقور والرمح المثلم؟!

فيقول ربعي -اسمع الكلام الذي ليس مثل كلامنا بارد ميت، قال كلاماً كأنه من الوحي-: [[نعم.

إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة, ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام]] فبدأت المعركة فانتصروا ودخلوا ديوان قيصر وحكموه بالقرآن والسنة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>