المسألة الخامسة عشرة: يوم الجمعة اثنتي عشرة ساعة، وهذا الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي والحاكم، فليعلم أن يوم الجمعة وغيره من الأيام اثنتا عشرة ساعة، ثم هنا
السؤال
أي ساعة تكون هي من هذه الساعات؟
ذكر ابن حجر فيها ثلاثة وأربعين قولاً، والصحيح أنها في آخر ساعة من يوم الجمعة.
ولكن كيف نرد على الحديث الذي جاء عن أبي موسى في صحيح مسلم أنه سئل عن ساعة الجمعة، فقال: يقول صلى الله عليه وسلم: {هي من جلوس الخطيب إلى أن تقضى الصلاة} فما هو الرد؟
من الأقوال التي حكاها ابن حجر، أنها تكون متنقلة، مرة تأتي في الساعة الأولى، ومرة في الثانية، ومرة في الثالثة، ومرة عند جلوس الخطيب، ومرة في آخر ساعة، ولكن هذا جواب فيه احتمال لا يرتضى، لأنه لابد من جزم، ولا بد أن ينقل لنا عن المعصوم أنها متنقلة.
ومن الردود أن هذا الحديث ضعيف، فقد ضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثامن عشر من الفتاوى، قال: ثلاثة أحاديث في صحيح مسلم ضعيفة، ثم أتى بهذا الحديث، فقال: إن هذا الحديث ضعيف، فيه انقطاع بين أبي بردة، وبين الراوي عنه، وممن سبقه من الحفاظ أبو الحسن الدارقطني حافظ الدنيا، فقال: هذا الحديث ضعيف، وذكره ابن حجر في بلوغ المرام، والصحيح -والله أعلم- أنه ليس بضعيف، فقد سألت عنه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز فقال: ليس في صحيح مسلم حديثٌ ضعيف.
وأما قول ابن تيمية فمسبوقٌ إليه، سبقه الدارقطني، والدارقطني مردودٌ عليه، والأمة تلقت الصحيحين بالصحة والقبول، فالقول بأن الحديث ضعيف يكون فيه نقض للإجماع، فالمعلوم أنه حديث صحيح، وأن الانقطاع الذي فيه ظهر أنه متصل عند مسلم أيضاً، وأن هذا من الحديث الذي أدرك على الدارقطني.
لكن كيف يفهم الحديث؟
هذا الحديث شائك، إن قلنا بصحته فإنه لابد من جمعٍ لهذه الأقوال وإن قلنا ضعيف أرحنا أنفسنا كما فعل ابن تيمية، وأخذنا بحديث أبي هريرة، وهذا لا نستطيع تفصيله هنا.