ومن حفظ العبد لربه أن يحفظ لسانه، واللسان هذا أمره عجيب وخبره غريب! وأكثر سيئاتنا وذنوبنا ومعاصينا من ألسنتنا، فلا إله إلا الله كم هتك من عرض، ولا إله إلا الله! كم سجل من معصية! ولا إله إلا اله كم لطخ من سيئة! وكم هدم من حسنة! يقول عليه الصلاة والسلام لـ معاذ وقد سأله:{ألا أدلك على ملاك ذلك كله؟ قال: بلى يا رسول الله! فأخذ بلسان نفسه، وقال: كُفَّ عليك هذا.
قال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟! قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على أنوفهم، أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟} والله يقول في مدح الأولياء الصالحين: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}[المؤمنون:٣] واللغو هو كل ما لا ينفع في الآخرة، أو كل ما يضر في الآخرة هو لغو.
ولذلك قال ابن مسعود:[[والله ما شيء أحق بطول حبس من لسان]].
احذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان
ومن حفظ الله لعبده أن يحفظه في لسانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[الأحزاب:٧٠ - ٧١] وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من يضمن لي ما بين لحييه وفخذيه وأضمن له الجنة} ضمان من محمد عليه الصلاة والسلام؛ أن من حفظ فرجه ولسانه عن الحرام ضمن له الجنة عند الواحد الأحد:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران:١٣٣] من المتقون؟ هم الذين يحفظون ألسنتهم، كان أبو بكر يبكي ويخرج لسانه ويقول:[[هذا الذي أوردني الموارد]].