ذكر ابن كثير عن أبي العلاء المعري الملحد الزنديق -لا ندري ما الله صانع به، أما كلامه فإلحاد وزندقة- قال: لما توفى وضعوه في قبره فجاءته حية -وهذا في البداية - قال: فأخذت فرجه بفمها، وأخذت لسانه بذنبها، قال تعالى:{وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ}[فصلت:١٦] وعذاب القبر نقره ونشهد به، ولو لم ينقل لنا لعلمنا أن عذاب القبر موجود قطعي عند أهل السنة والجماعة، لكن قصدي أن مثل هذه القصة ينقلها حافظ، وهي مصير هؤلاء الخونة المعرضين عن الله، ووالله إن القلق لعذاب الله لهم في الحياة الدنيا شديد، وإنهم ليعيشون حياة الضنك.
يقول أحد الدعاة سافر إلى روسيا ومر بـ موسكو: قال: ورأيت هناك معسكراً يجتمع فيه البشر -وهذا في عهد جرباتشوف - فذكرت قوله تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً}[طه:١٢٤] قال: والله إنهم مثل الحمير، لا يجدون الخبز، جعلوا لهم الماء في صحون، مثل الحيوانات يشربون في صحن واحد.
وفي ذات يوم سافرت إلى واشنطن والتقينا بأحد الدكاترة، رئيس معهد الفكر الإسلامي، وقد رأينا أن نسأله مال هذا الشعب المبهوت؟! الشعب الأمريكي، لا رقي في الروح ولا اطمئنان، ولا سكنية، كل يلهث، عليهم البهت والاضطراب، قلنا: ما لهم؟ تبسم وقال: والله الذي لا إله إلا هو منذ أن وصلت إلى أمريكا وأنا أتذكر قوله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الأنعام:١١٠]{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ}[الأنعام:١١٠] لا يصبحون مطمئنين أبداً، يصبح يلهث ويملك المادة، ويملك كل شيء لكن السعادة لا يملكها، والله لن ينالها {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون}[الأنعام:١١٠].