ثم اسمع إلى أهل الإيمان بعد أهل الكفر وأهل الزيغ والنفاق والطغيان، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[البقرة:٢٥] من المبشِّر؟
إنه محمد عليه الصلاة والسلام، يقول: قم بشر هذه الأمة، وبشر المصلين في جنح الليل، والعابدين الصادقين، وبشر الناصحين، والذي رأى الحرام فغض بصره، وبشر الذي سمع الخنى فأعرض بسمعه، وبشر الذي وجد الحرام فرفض أكله، ورفض شربه ولبسه، بشره بجنات تجري من تحتها الأنهار.
فالرسول عليه الصلاة والسلام مبشر ومنذر، لكن إذا أتى التخويف قال له الله:{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}[الرعد:٧] وإذا أتى النعيم قال: (وَبَشِّرِ) وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً}[الأحزاب:٤٥] فيقول: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ}[الرعد:٧] وهنا يقول: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[البقرة:٢٥] في هذه الآية رد على المرجئة وهي: طائفة ابتداعية تقول: يكفي الإيمان بلا عمل، وهذا خطأ وكذبوا على الله، يقولون: يكفي النطق والاعتقاد بدون أن يعمل الإنسان ولو لم يصل فهو مؤمن، لا:{وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[البقرة:٢٥] وعمل الصالحات كثير يحتاج إلى بسط وعرض طويل، لكن من الصالحات ألا تتقاصر عن كل فعل صالح أن تفعله.
تبسمك في وجه أخيك على قلته صدقة، وإماطتك الأذى عن الطريق صدقة، صلح وإصلاح، نيتك أن تقوم الليل ثم لم تقم عمل صالح يكتب لك، وأن تصب من إنائك في إناء المستقي صدقة.