للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال]

الحمد لله حمداً حمداً، والشكر لله شكراً شكراً، الحمد لله الذي جمعنا بالصالحين ووفقنا لسيرة سيد المرسلين، نسأله رحمة منه فإنه أرحم الراحمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين وحجة الله على الهالكين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أمَّا بَعْد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته،،

عنوان هذا الدرس: كيف نربي أطفالنا

قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف:٤٦] الأولاد زينة للحياة، جعلهم الله عز وجل قرة عين للآباء وللأمهات إذا أصلحهم الله، ولذلك وصف الله الصالحين بقوله في دعائهم أنهم يقولون: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:٧٤] وقال كثير من الصالحين: لا تحلو الحياة إلا بالولد؛ ولذلك جعل صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة التي تلحق الرجل الصالح {ولد صالح يدعو له} -كما في صحيح مسلم - والعقيم في حياته شيء ليس من قبل الله عز وجل؛ فإن الله قد يعوضه خيراً من هذا الولد؛ لكن في سلوته وراحته وفي عزائه وفي حياته، ولذلك كان زكريا يقول: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء:٨٩] أي: لا تتركني وحيداً بلا ولد وبلا أبناء، ولذلك أرسل الله الملائكة يبشرونه فنادته الملائكة وهو قائم في المحراب يصلي أن الله يبشرك بيحيى، فجعل الله الولد بشارة، وهي من أعظم البشارات لمن أحسن تربية الأولاد، ولكن كيف نربي الأطفال؟ وكيف نحسن تربيتهم؟ وكيف نرضعهم الإيمان والعقيدة الصحيحة التي أتى بها محمد عليه الصلاة والسلام؟

وكلمتي هذه الليلة للآباء وللأمهات، وإن كان من نصيب أوفر فهو للأم، فأقول لها: يا أمنا! يا رائدة الأجيال! يا صانعة الأبطال! يا مدرسة الجيل أرضعي أبنائك عقيدة التوحيد مع اللبن فإن الله سوف يسألك عن أبنائك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

ولذلك وصف الشعراء الأبناء بأنهم الأكباد التي تمشي على الأرض؛ كما ذكر ذلك ابن الرومي وغيره، هم أكبادنا التي تمشي على الأرض، وهم شجا قلوبنا، وقرة أرواحنا، دخل عمرو بن العاص الداهية أرطبون العرب على معاوية بن أبي سفيان الخليفة وهو في دار الملك، وعند معاوية فتاة صغيرة نجيبة في الأربع أو في الخمس سنوات.

قال عمرو بن العاص: [[يا أمير المؤمنين ما لك تقرب هذه الفتاة، والله إنهم ليقربون البعيد ويبعدون القريب ويوصمون العار! فغضب معاوية وقال: خالفت وأخطأت، والله إنهم شجا الأرواح، وإنهم ريحان الحياة، وإنهم شفاعة في الآخرة]] وصدق رضي الله عنه وأرضاه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم {كان يحمل الحسن والحسين ويقبلهم ويقول: هذان ريحانتاني من الدنيا} يعني: يكفيني من الدنيا الحسن والحسين، وكان ينظر إليهما ويقول: {اللهم إني أحبهما فأحب من يحبهما} وهذا الحديث يروى عنه صلى الله عليه وسلم بسند فيه ضعف، فنشهد الله أنا نحب الحسن والحسين بحب جدهم عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>