[العبث بالكتب بعد انتهاء الدراسة]
ملاحظة أخرى: نمي إلى علمي وعلم كثير من الإخوة، أن بعض الطلبة أسرفوا في عدم تقدير كتب العلم بعد الانتهاء من الامتحانات، وروي أن منهم من ركل الكتاب برجله، ووجد أن الكتاب يحمل سيرة محمد عليه الصلاة والسلام، ومنهم من مزق الكتاب ورماه على الرصيف، ومنهم من عبث بأوراقه ووضعه في مكان مشعرٍ بعدم المبالاة والسخف، وأنا أسأل شباب الإسلام: ما فائدة العلم إذاً؟ ما هي النتيجة من هذه السنة، ومن هذا الامتحان؟ ما هي الثمرة من هذه الأسئلة، ومن هذه الإدارة، وهيئة التدريس، ومن هذا الامتحان والقاعات؟ لماذا طلبنا العلم إذاً؟
أن تصل قداسة العلم عندنا إلى هذا المستوى، أي طالب علم يفعل بكتابه هذا الفعل؟ يركل سيرة محمد عليه الصلاة والسلام، كأنه يتعامل مع ذاك الرجل العظيم كما يتعامل بعض الناس مع بعض الأقزام، لك أن تركل الأقزام أنفسهم بقدمك.
من تداجي يا بن الحسين أداجي أجهاً تستحق ركلاً ولطما
أما سيرته، أو شيء كُتِبَ فيه اسمه، أو آيات ربه، أو مبادؤه الخالدة، فحرام، حرام، حرام أن تمتهن، بل نص أهل العلم: ألا يدخل بها دورات المياه، ولا يجلس أو يركب أو يتكأ عليها، بل تحترم، وكان بعض أهل العلم لا يقرأ الحديث إلا متوضئاً، والإمام أحمد في سكرات الموت سُئِلَ عن حديث واحد من أحاديث الحبيب.
أعد سهر العيون فكل نومٍ لغيرك أيها المولى حرام
وأسمعني حديث الحب سبعاً رضيت لك السرى والناس ناموا
فقال الإمام أحمد: أجلسوني، قالوا: أنت مريض، قال: لا والله، لا يسأل عن حديث الحبيب، وأنا مضطجع.
وكان الإمام مالك يمشي في الطريق، فسألوه عن حديث، فجلس واستقبل القبلة، وقال: أيسأل عن كلام الحبيب ونحن نمشي، أي: لا نجيب عنه ونحن نمشي، ولذلك رفعهم الله، وعظمهم؛ لأنهم قدسوا دينه فقدسهم الله، وأتى جيل أهانوا دين الله فأهانهم الله، وما أعظم الإهانة التي يتلقاها العالم الإسلامي بسبب عدم توقير مبادئ الله!
هل هناك أعظم إهانة من أن يصبح هؤلاء الثلة من اليهود المردة، أبناء القردة والخنازير الذين طوردوا في العالم، وضرب الله عليهم اللعنة والغضب والمسكنة، ليس لهم حبل مع الشعوب، مطاردون في كل ناحية من أنحاء العالم، طوردوا في بلجيكا، وطوردوا في سويسرا، وسحقوا في إنجلترا، وأحرقوا في ألمانيا، ثم احتضنهم العالم الإسلامي، والآن يداجيهم ويتنازل لهم ويراضيهم، فهل بعد هذه الإهانة من إهانة؟ بسبب أعمالنا.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.
عباد الله! صلوا وسلموا على الرحمة المهداة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على منهجه ومنواله إلى يوم الدين.
اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم علمنا علماً ينفعنا، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن عين لا تدمع، ومن نفس لا تشبع، ومن قلب لا يخشع، اللهم إنا نعوذ بك من علم يكون وبالاً علينا.
اللهم احفظ علينا أعمارنا، وأوقاتنا، وأعراضنا، وأموالنا، وأقم لنا مبادئنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم ولِّ علينا خيارنا، اللهم ولِّ علينا من يخافك فينا، ويرجوك، ويرحمنا فيك يا رب العالمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.