ما تفسير قوله تعالى:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}[الغاشية:١ - ٣].
الجواب
أولاً: عند ابن أبي حاتم في التفسير بسندٍ جيد: أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر في الليل، فسمع عجوزاً من الأنصار تقرأ وتبكي وتقول:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:١] فوضع رأسه على صائر الباب يبكي ويقول: نعم أتاني، نعم أتاني، كانت تقول:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:١] لا تدري أن المخاطب وراء الباب، فكلما قالت:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:١] قال: نعم أتاني، عليه الصلاة والسلام الغاشية: هي يوم القيامة، تغشى بهولها الأبصار كما قال المفسرون؛ والقارعة، والزلزلة، والواقعة، والحاقة، والطامة، والصاخة، فنسأل الله أن ييسر ذلك اليوم علينا.
{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:١] الاستفهام هنا للتقرير، أي: سوف يأتيك، وبعض المفسرين قالوا: للإنكار، أي ما أتاك وسوف يأتيك، واسمع خبراً مدلهماً، قالوا: إذا بدأ الله بالسؤال فسوف تأتي عجائب، وإذا قال الله للرسول صلى الله عليه وسلم:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ}[القارعة:١٠].
إذا قال: ما أدراك، فسوف يخبره!! وإذا قال:{وَمَا يُدْرِيكَ}[الأحزاب:٦٣] فلن يخبره، قالوا:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ}[القارعة:١٠ - ١١] وقال: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً}[الأحزاب:٦٣] فما أخبره!! هذه قاعدة للمفسرين، ما أدراه يخبره، وما لا يدريه لا يخبره، و {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ}[الغاشية:٢] الخاشعة: التي علاها الخوف والرهق والمذلة والإرهاق.
خاشعة أي: خاشعة من الخوف، {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}[الغاشية:٣] أي: عملت في الدنيا وتعبت ولكنها في غير طاعة، قال بعضهم: هم أهل البدعة عملوا على غير طاعة، عبدوا الله عز وجل، لكن خالفوا فدخلوا النار، وقال بعضهم: هم النصارى، عبدوا الله على ضلالة، كما قال سبحانه:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا}[الحديد:٢٧] والصحيح أنهم قومٌ تعبوا في غير طاعة الله، وما أخلصوا العمل لله، فضيع الله سعيهم في الدنيا والآخرة، فكانوا أهل خزي في دنياهم وأخراهم.