نموذج خامس: يأتي أعرابي، فيقول: يا محمد! -لم يقل يا رسول الله! لا يعرفون كيف يتكلمون معه صلى الله عليه وسلم {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً}[النور:٦٣] كان الواجب أن يقول: يا رسول الله! يا نبي الله! لكن يقول: يا محمد! فحملها عليه الصلاة والسلام وسكت عنها.
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف:١٩٩]- قال: أعطني من مال الله الذي عندك -وليته سكت هنا لكنه أضاف قائلاً- فليس من مالك، ولا من مال أبيك، فقام الصحابة يريدون تأديبه وتلقينه درساً لا ينساه، فأسكتهم عليه الصلاة والسلام وأخذه، وذهب به إلى البيت فأعطاه زبيباً وتمراً وثياباً، قال:{هل أحسنت إليك؟، قال: نعم.
جزاك الله من أهلٍِ وعشيرةٍ خير الجزاء، قال: إذا خرجت لأصحابي فقل هذا الكلام، فإنهم قد وجدوا عليك، فلما أخرجه أمامهم، قال: يا أعرابي! هل أحسنت إليك؟، قال: نعم! جزاك الله من أهلٍ وعشيرةٍ خير الجزاء، فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال للصحابة: أتدرون ما مثلي ومثلكم ومثل هذا الرجل؟ قالوا: لا ندري يا رسول الله! قال: مثلنا كرجلٍ كانت له دابة فرت منه -دابة: إما بغل، أو فرس، أو جمل- فأخذ يلحقها ويلحقها الناس، فما زادوها إلا فراراً}.
والدابة إذا رأت الناس يجرون خلفها أعلنت فيهم حالة الاستنفار وطارت، بدلاً من أن تمشي على الأرض، وتصبح في سرعة لا يعلمها إلا الله، قال:{فقال الرجل: دعوني ودعوا دابتي، ثم أخذ شيئاً من خشاش الأرض وخضارها، فأشار به للدابة فأتت فأمسكها، ولو تركتكم وهذا الأعرابي لضربتموه فكفر فدخل النار}.
أتدرون ماذا فعل الأعرابي بعد هذا الموقف؟ عاد ينادي قومه، وهم قبائل من قبائل العرب، يقول: يا قوم! أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فأسلموا ودخلوا في دين الله أفواجاً.
والفيافي حالمات بالمنى تتلقاك بتصفيق مثير
والرمال العفر صارت حللاً عجباً من قلبك الفذ الكبير