الحال الأولى: حال أهل الإحسان، وهم الذين يذكرون المحاسن ولا يذكرون المثالب، فأنت تخالفني وأخالفك في جزئيات وفرعيات، فالواجب إذا أردت أن تحسن إلي وأحسن إليك أن تعاملني بالحسنى، أن تذكر محاسني وأذكر محاسنك, ولا تذكر مثالبي ولا أذكر مثالبك، وهذه لا يفعلها إلا قلة نادرة من أمثال ابن المبارك رحمه الله، والإمام الشافعي، فقد صح عن الشافعي أنه قال:"والله ما ناظرت أحداً إلا وددت أن يكون الحق معه، وإني أدعو له بالصواب والتسديد" أو كما قال، فأين من يفعل ذلك؟
إن الكثير منا إذا اختلف مع الآخر في مسائل جزئية أو فرعية -ويجوز الخلاف فيها شرعاً وقد اختلف فيها الصحابة- فإنه يتمنى له العثرات ويستحل عرضه، ويتكلم فيه ويسري بعداوة له، ويتفقده في كل ما يمكن أن يخطئ فيه ليشهر بهذا الخطأ.