يقول عبد الله بن إدريس المحدث حين حضرته الوفاة: يا بني تعال، فأتى ابنه، قال: يا بني! لا تعص الله في هذا البيت، فوالله الذي لا إله إلا هو، لقد ختمت كتاب الله في هذه الزاوية ثمانية آلاف مرة، إذا أردت أن تعصي الله فاخرج من هذا البيت، بيته كان من طين في الكوفة وهو من أكبر العباد:{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}[الأحقاف:١٦]{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}[فاطر:٢٩] إن الأمة كانت ميتة فأنزل الله عليها روحاً هو هذا القرآن: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى:٥٢].
حدثنا بعض العلماء في الرياض، أن بعض العباد في الرياض ما زالوا أحياء اليوم كباراً في السن؛ في السبعين والثمانين، يصلون صلاة الفجر يوم الجمعة في المسجد الجامع، ثم يفتحون المصحف من الفاتحة، وقبل دخول الخطيب بدقائق ينتهون من سورة الناس، لا يقل أحدكم: لا يمكنهم، بل يمكنهم، فقد داوموا عليه وأعادوه حتى أصبح كالماء على ألسنتهم، فكم من حسنة سجلوها من الصباح، يقول عليه الصلاة والسلام:{اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه} ويقول: {من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف} هذه الحروف يسجلها الله كل حرف بعشر حسنات: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر:١٠] ثم قال: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ}[فاطر:١٠].