المسألة الثامنة: حسن الخلق والتحمل، وقد عقد له الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين فصلاً جامعاً مانعاً لا أحسن منه؛ لأن الأسفار تُظهر أخلاق الرجال.
فالرجل قد يكون حليماً مع أهله وفي بيته، ولكن إذا سافر انكشفت أموره، ولذلك لما استشهد عمر رضي الله عنه وأرضاه رجلاً قال:[[من يزكيه؟ فقام رجل من الناس يزكيه، قال: هل صاحبته في سفر؛ فإن السفر يسفر عن أخلاق الرجال، قال: لا.
قال: اجلس فإنك لا تعرفه]] وقال: هل جاورته؟ هل عاملته بالدرهم والدينار؟
إذاً: فالسفر يخرج أخلاق الرجال؛ لأنه وقت كربة ومشقة وجوع وملل، وثلاثة لا يُلامون في سوء أخلاقهم: المريض، والصائم، والمسافر.
ولذلك أمر بحسن الخلق في السفر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس أخلاقاً إذا سافر.
وإذا صحبت أرى الوفاء مجسماً في بردك الأصحاب والخلطاء
وتمد حلمك للسفيه مدارياً حتى يضيق بحلمك السفهاء
فهو صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربه فقال:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:٤].
إذاً فحسن الخلق والتحمل، والذي لا يعرف من نفسه أنه لا يتحمل فلا يسافر مع المؤمنين.
وهذا الإمام أحمد بن حنبل، قال له علي بن المديني: سمعت أنك تريد الحج فأريد أن أحج معك، قال: لا.