والناس قسمان -ولا يسلم من الذنب أحد-: منهم من يذنب ويتوب ويستغفر، يتوضأ، ويصلي الخمس، ويراجع حسابه مع الله، يبكي، ويندم، ويتصدق، ويتوب، ويأتي بنوافل، فيغفر الله ذنبه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[هود:١١٤] ومنهم من يذنب ولكن يركب رأسه، ويغلبه هواه؛ فيتردى {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}[الفرقان:٤٤] ولو رأيتهم يوم تركوا الصلوات الخمس، ووقعوا في المعاصي والفواحش، ووقعوا في المخدرات، وعقوا الوالدين، وقطعوا الأرحام، لرأيت أمراً عجيباً!
المنافق والفاجر يرى ذنوبه كأنها ذبابٌ، قال به هكذا فطار، والمؤمن يرى ذنوبه كأنها جبلٌ يريد أن يسقط عليه، مات قلب الفاجر من الإعراض والعصيان.
شبابٌ رأيناهم في بعض الأمكنة كالسجون، تركوا صلاة الفجر ثم وقعوا في المخدرات، قالوا: ما وقعنا في هذه السيئات إلا لما تركنا صلاة الفجر والصلوات الخمس.
وصف الله الصلاة بأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، لكن متى تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر؟ يوم تكون صلاة، لا تكون لعبة في أيدي بعض الناس، يقدم عمله، ووظيفته، ومسئوليته على صلاته، واهتمامه بعمله أعظم من اهتمامه بصلاته، يقدر المسئول -وهذا مطلوب- أعظم من ربِّ البشر، ويخاف من البشر أعظم من خوفه من ربِّ البشر، ويوقر، ويقدر، ويحترم البشر أعظم من تقديره وتوقيره واحترامه لربِّ البشر:{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً}[النساء:١٠٨].