للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الزيارة في الله]

ومن أسباب الحب والوئام, الزيارة في الله.

زيارة الإخوة في الله, وزيارة الأحباب في الله, فإنها هي الباقية عند الله عز وجل, كما في الحديث الصحيح: {زار أخ أخاً له في قرية فأرصد الله له ملكاً في الطريق, وقال لهذا الرجل: أين تذهب؟ والله أعلم به, قال: أذهب إلى فلان, قال: لِمَ؟ قال: أزوره في الله, قال: هل له عليك نعمة تربها؟ -أي: تحفظها وتريد أن تبقى؛ فتزوره من أجل النعمة والمصلحة- قال: لا.

قال: ولِمَ زرته؟ قال: في الله, قال: فأنا رسول الله إليك؛ أشهدك أن الله قد غفر لك ولصاحبك}.

هذا الحب في الله, وهذا هو الإخاء, وهي الزيارة في الله عز وجل.

وكان السلف يتزاورون فهذا طاوس بن كيسان أحد التابعين العباد يقولون عنه: "كان يصلي في الحرم صلاة العصر, ثم يستقبل ويجثو على ركبتيه, ويرفع يديه فيبقى يدعو من صلاة العصر إلى صلاة المغرب, قالوا: وسقطت قلنسوته وهو يبكي في الدعاء فما شعر أن قلنسوته سقطت"

ذهب في السحر قبل الفجر يزور أخاً له, فطرق عليه الباب, فوجد أخاه نائماً, فخرج أخوه وقال: ما لك يا طاوس؟ قال: أتيت أزورك, قال: في السحر كنت نائماً, قال: والله ما ظننت أن مسلماً ينام في السحر, قال: كيف؟ قال: لأنَّا روّينا في الحديث -أي: أخبرونا في الحديث أن الله عز وجل {ينزل إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير, فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داعٍ فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟} فالزيارة في الله أعظم عُرى الإيمان.

وأما زيارة المريض فحدث ولا حرج, عند مسلم: {من زار مريضاً كان في خرفة الجنة حتى يمسي}.

وفي حديث آخر يروى عنه عليه الصلاة والسلام: {من زار أخاه من مرض شيعه الله بسبعين ألف ملك} وفي الحديث الصحيح: {أن الله يقول للعبد وهو يحاسبه: يا بن آدم! جعت فلم تطعمني, قال: كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما عملت أن عبدي فلان ابن فلان جاع فما أطعمته, أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي, يا بن آدم ظمئت فلم تسقني, قال: كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلان بن فلان ظمئ فلم تسقه, أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي, يا بن آدم مرضت فلم تعدني, قال: كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلان بن فلان مرض فلم تعده، أما إنك لو عدته لوجدت ذلك عندي}.

هذا هو الإخاء, ومن أسبابه ومن أعظم أسبابه: الزيارة والعيادة وتفقد أحوال الأخ المسلم {ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة, ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة, والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>