العشماوي: جزاك الله خيراً ومنكم تطلب أيضاً وبارك الله فيكم.
السؤال
شيخ عائض! الوسائل الدعوية كثيرة، وقد توقف البعض في استخدام بعض الوسائل والأساليب بحجة أنها لم تكن موجودة على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فماذا ترون في هذه المسألة؟
الجواب
والحلال والحرام يؤخذ من الكتاب والسنة، ولا يجوز لأحد -كما أسلفت- أن يحلل أو يحرم من عند ذاته، وكل أحد يحتج لقوله إلا الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يحتج بقوله على الناس، فمن أتى إلى وسيلة وقال: هذه محرمة؛ لأنها لم توجد عند الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لم يصب؛ لأنه وجدت وسائل جعلها السلف من لوازم الطريق، واستخدموها واستغلوها فيما يرضي الله عز وجل كالكتابة فإنها أتت متأخرة، وبعضهم كان يخالف في كتابة العلم، وتدوين الدواوين، وتجنيد الجنود، وترجمة الكتب، وبناء القناطر، وفتح الطرق، وتوسيع الجوامع كما في العهد الأموي، إلى غير ذلك مما جد ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أجازه العلماء لأن فيه مصلحة؛ والمصلحة حدها: أن تكون حلالاً في شرع الله، وكثير من الوسائل مباحة، ولو استغلت استغلالاً جميلاً لكان فيها نصرة للإسلام وتوسيع لدائرته في الأرض.
والوسائل بحد ذاتها -كالوسائل الإعلامية- ليست محرمة لذاتها، فإنها من حديد وخشب ومواد فلا تحلَّل ولا تحرم، إنما يناط الحكم بما يلقى فيها ويطرح، فهي كالآنية فحسب, يحكم عليها بما يوضع فيها، فالإناء لا يحرم لأنه إناء من زجاج أو غيره، ولكن يحرم إذا وضع فيه شيء من المسكر، ويحل إذا وضع فيه شيء من الماء، وهكذا.
فهذه الوسائل الناس فيها طرفان:
منهم من حرمها؛ لأنهم رأوا أنه يبث فيها الفاحشة والمنكر والمعصية، فأجروا عليها التحريم.
ومنهم من يرى أنها حلال؛ لأنها تستغل في نشر الدين، وتوعية الناس.
وأقول: إنها لو وجهت توجيهاً سليماً لكان الأحسن أن تستغل وأن يدخل فيها، وتزاول الدعوة فيها، وهو الأحسن، ولو لم توجد في عصر الصحابة.
ذكر صاحب المذكرات في المجلد الثاني، أن استالين قال: أعطوني شاشة أغير بها وجه العالم وهذا أمر صحيح، وأتعجب من المسلمين! المليار لا يملكون شاشة إسلامية صافية نقية توجه الناس والأجيال، ولا يملكون إذاعة أخاذة، ولا يملكون صحيفة يومية يتكلمون فيها بالحق، بدين محمد صلى الله عليه وسلم، بتراثه، بخلوده، بنوره، هذا هو العجب!! وما نزال نطالب المسلمين أن تكون لهم إذاعة وتلفاز، وقنوات من الفكر، وأن تكون لهم مجلات تعبر القارات، وصحف يومية يقرؤها الناس جميعاً، كبيرهم وصغيرهم.
أما من يطالبنا بأن نبقى على الوسائل القديمة كالدعوة في خطبة، أو موعظة، أو كلمة في منتدى، فنقول له: رأيك هذا غير مقبول، وليست المصلحة فيه فحسب، ويبقى هذا رأيك الخاص.