فضيلة الشيخ! أرجو أن تذكر بعض المؤرخين الذين ترجموا للحجاج بن يوسف الثقفي، لأنه اشتهر عنه بين بعض الناس الظلم وسفك دماء المسلمين الأبرياء؟
الجواب
أولاً: الحجاج بن يوسف الثقفي الحاكم الوالي على العراق في عهد بني أمية، في عهد عبد الملك وولده الوليد بن عبد الملك، نقول فيه معتقد أهل السنة والجماعة: أنه من عصاة الموحدين، ومذنب صاحب كبائر وسفاك، لكنه من عصاة الموحدين، لا نشهد عليه بالنار ولا يخرج من الإسلام، لكننا نخاف عليه العذاب، فإن أهل السنة والجماعة لا يخرجون أهل الكبائر بكبائرهم من الإسلام، لكن يخافون على المسيء ويرجون للمحسن، والخوارج يكفرون أهل الكبائر، وهذا مذهب باطل بدعي لا صحة له.
ممن ذكر الحجاج ابن كثير وقد أنصف في ترجمته، لكنه قال في كلمات (قبحه الله) أي: الحجاج، ومؤرخ الإسلام بجدارة وأصالة وعمق هو الذهبي، وقد ترجم له في سير أعلام النبلاء، فقال: الحجاج بن يوسف الثقفي له حسنات منغمرة في بحار سيئاته، نبغضه ونعتقد أن بغضه من أوثق عرى الدين، وأما ما ورد عنه من السفك للدم فهذا أمر متواتر ومشهور بين الأدباء والمؤرخين والعلماء، فقد قتل مائة ألف، كثير منهم أبرياء، وأهان كثيراً من الصحابة الأخيار، وقتل سعيد بن جبير، حتى قال الحجاج: رأيت في المنام كأن القيامة قامت، وكأن الناس أحضروا للحساب، وكأن الله قتلني بكل رجل قتلته قتلةً، إلا سعيد بن جبير فقتلني به على الصراط سبعين قتلة.
فـ الحجاج بلا شك قتل وسفك وأمره إلى الله عز وجل، وقد حضرته الوفاة بعدما قتل سعيد بن جبير، فقد كان سعيد يقول وهو في سكرات الموت: اللهم لا تسلطه على أحد بعدي، اللهم لا تسلطه على أحد بعدي، يا قاصم الجبابرة! اقصم الحجاج، يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج، فمرض شهراً كاملاً وأخذ يخور كما يخور الثور، وكان يقول: أرى في كل ليلة أني أسبح في دم.
ومن النكت والطرائف أنهم مروا بقبره بعد موته فسمعوا صوت تعذيب في قبره، فقال أخوه يعتذر له وهو حينئذٍ يمشي مع الأحياء على القبر: رحمك الله يا حجاج تقرأ القرآن حتى في القبر! هذا هو الحجاج بن يوسف.