قال صلى الله عليه وسلم:{يا كعب بن مالك! -هذا بيانه صلى الله عليه وسلم بالتوبة- أبشر بخير يومٍ مر عليك منذ ولدتك أمك} خير يوم منذ ولدته أمه هو ذاك اليوم، قال شيخ الإسلام:"وفيه أن يوم التوبة هو أفضل يوم يمر على الإنسان، وفيه أن العبد يكون بعد التوبة أرفع منه قبل التوبة"؛ فإن كعب بن مالك قبل هذا الذنب لم يكن كدرجته بعد الذنب والعودة إلى الله عزوجل، بل كان أرفع وأرفع كثيراً.
وفيه: أن الخطايا يكفرها الله لمن تاب.
وفيه: أن الله لا يتعاظمه ذنب.
وفيه: أن العبد عليه أن يصلح حاله بعد الذنب ليدرأ بالحسنة السيئة إلى غير ذلك من القضايا.
قال كعب:[[يا رسول الله! أمن عندك أم من عند الله؟]] يريد أن يتأكد من الخبر، يقول: التوبة من عندك يا رسول الله! أو من عند الله عز وجل؟ قال:{بل من عند الله} لأنه هو الذي يتوب على من تاب، وهو الرحمن الرحيم.
قال: يا رسول الله! فإن من توبتي أن أنسلخ من مالي.
يقول: مالي أدفعه يا رسول الله! مزارعه وأملاكه وماله ودراهمه ودنانيره، يدفعه للرسول عليه الصلاة والسلام في سبيل الله، لا إله إلا الله! أي قدرات تلك القدرات، أي تضحيات أن يبلغ بالإنسان أن يتخلى في لحظة واحدة عن كل ما يملك، تصور وأنت جالس تتوب أمام الله، وتقول: لا أعود بشيء وأتوب إلى الله وأنسلخ من مالي.
قال صلى الله عليه وسلم:{أمسك عليك بعض مالك فهو خيرٌ لك} وهذه حكمته عليه الصلاة والسلام ألا يتخلى الإنسان ويضيع أمواله، أو ينفقها مرة واحدة ويبقى متكففاً للناس، لأن الحياة تحتاج والأسرة والأطفال محتاجون إليه، ولا بد أن يبقى معه شيء من قوام عيش ومن عصب حياة.