للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الشباب والفطرة]

قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الروم:٣٠] على ماذا فطر هذا الإنسان؟ على لا إله إلا الله محمد رسول الله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف:١٧٢] فنطقوا، قال الرازي والغزالي: شهادة حال, وقال الجمهور: شهادة مقال.

ولد المولود وفي قلبه مكتوب لا إله إلا الله، وفي دمه تجري لا إله إلا الله، وفي عروقه تسبح لا إله إلا الله.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله: لكل مسلم ميلادان اثنان:

الميلاد الأول: يوم ولدته أمه.

والميلاد الثاني: يوم اهتدى وتاب.

ومن يولد الميلاد الثاني فلن ينفعه الميلاد الأول، لأن الميلاد الأول من جنس ميلاد الحيوانات والعجماوات والبهائم والطيور والزواحف, وقال كذلك شيخ الإسلام في مختصر الفتاوى: ولكل مسلم أبوان؛ الأب الأول أبوه الجثماني والأب الثاني محمد صلى الله عليه وسلم فهو أبوه الروحاني، قال وفي قراءة أُبي: (وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) فالرسول صلى الله عليه وسلم أبٌ للشبيبة المهتدية السالكة إلى الله.

وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه} سقط رأسه على التوحيد, وانبعث على التوحيد, ولكن التربية والغزو الفكري والأيادي العميلة, ومرتزقة الفكر أرادوا أن يلحد أو ينحرف أو يفسق في دين الله, وجزاء الذين يغيرون فطرة الله أن يغير الله أفئدتهم وأبصارهم، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:١١٠] قالوا: (أول مرة): يوم الميلاد, وقيل: يوم الدعوة, وهذه الآية تتحقق في أسمى كمالها في انهيار الشيوعية اليوم، فهي تنسحق ويخرج العراة الجائعون من بيوتهم، يدوسون بجزماتهم صور لينين واستالين.

لما رأت أختها بالأمس قد خربت كان الخراب لها أعدى من الجرب

رمى بك الله جنبيها فحطمها ولو رمى بك غير الله لم يصب

لقد قلب الله فطرهم, ولقد قلب الله أنظمتهم, ولقد دس الله أنوفهم في الوحل, فرئيس يأتي ليسحب صورة رئيس ويلعنها ويدوسها, {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف:٣٨].

ولكني لا أفيض، وقد أردت أن أفيض, ولكني سوف أترك هذه الإفاضة لفضيلة الشيخ عبد الوهاب بن ناصر الطريري غداً مع محاضرة (موسكو تحطم أصنامها).

{وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن تلقي الركبان} {وأن يبيع حاضر لباد} وأن تلقى السلع قبل أن يهبط بها إلى الأسواق, فأعط القوس باريها، والكلمة خطيبها، منتظراً منه بحثاً في هذه الجزئية، التي نعيشها بدمائنا وقلوبنا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>