[حكم سنة العصر والمغرب القبلية، وبعدية المغرب والعشاء]
وأما سنة العصر، فذكر أبو داود، والترمذي، والإمام أحمد، وابن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:{قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله من صلى أربع ركعات قبل العصر}.
وهذا الحديث تكلم فيه أهل العلم وقالوا: فيه محمد بن مهران وهو ضعيف لا تقوم به الحجة، ودفع هذا الحديث ابن تيمية دفعاً عجيباً، وقال: لا يصح، وقال: هو من فعل علي وأيده ابن القيم على هذا، ولكن الأستاذ الشيخ الألباني صحح هذا الحديث، وهو حجة في تصحيحه إلا في بعض الأمور التي خالف بها أهل العلم وجل من لا يخطئ، لكنه محدث، وبعد أن عُلم ذلك فمن صلى لقصد أن تصيبه الدعوة هذه فهو مأجور مشكور، ويكتب الله له الأجر ولو لم يرد فيها حديث لدخل في العموم {إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة} و {أعني على نفسك بكثرة السجود} لكن أن تكون سنة راتبة فليست بسنة راتبة قبل العصر.
أما المغرب، فعن عبد الله بن مغفل المزني، قال:{قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، ثم قال في الثالثة: لمن شاء} كراهية أن يتخذها الناس سنة، فأما قبل المغرب قد سُئل الحسن البصري عن ركعتين قبل المغرب، فقال: حسنتين لمن أراد الله بهما، وقال سلمة بن الأكوع لما صلى عند المصاحف في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم: كان عليه الصلاة والسلام يتوخى هذا المكان قبل صلاة المغرب فيصلي فيه.
إذاً المغرب ورد فيها حديث ولكنها ليست بسنة راتبة، لأن ابن مغفل من الصحابة الذين يعرفون مدلولات الحديث يقول: يقول صلى الله عليه وسلم في الثالثة: لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة، ولو سكت عليه الصلاة والسلام لداوم عليها الناس فصارت سنه.
والعجيب كثرة التحفظ في النوافل، حتى يقول: نخاف أن تكون سنة، وبعض الناس يقول: لماذا لا يترك الرسول صلى الله عليه وسلم الباب مفتوحاً، حتى يتنفل الناس ويكثروا؟ نقول: لا ليبقى الدين توقيفياً وليبقى على الوحي، وليبقى على التشريع لا على التبديع! لأنه لو فتح الباب لصلى الناس قبل المغرب وبعده، وبعد العصر، وبعد الفجر وفي كل وقت، وقالوا: لا نتقيد ما دام قال عليه الصلاة والسلام: {إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة} فعلينا أن نصلي في كل وقت، فأوصد صلى الله عليه وسلم هذا الباب، ثم قال ابن تيمية، في سبب آخر: ولتبقى بعض الأوقات مريحة للعبد، ليرتاح فيها ويهدأ لئلا يسأم ويمل من العبادة.
لأنك إذا صليت الفجر فإنك تنتظر الظهر، فتبقى في عملك حتى يأتي الظهر، ثم العصر، ثم المغرب وهكذا.
بعد المغرب فقد ورد أنه كان يصلي ركعتين بعد المغرب في بيته عليه الصلاة والسلام، وكان يقرأ فيهما: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، ,وأمَّا بَعْد العشاء فركعتان، وورد أربع، وورد ست ولك أن تصلي ركعتين أو أربعاً أو ستاً، فقد صحت بذلك الأحاديث، والغالب ركعتان.