للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[احتضار أحد التجار]

وقال ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين، حضّرنا رجلاً من التجار، كان يضرب على وتره، وبعض التجار ساقط في تجارته يعبد الدرهم والدينار {تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة} والحديث في صحيح البخاري، وبعضهم يعبد الموديل الجديد من السيارات, وبعضهم يعبد الوظيفة وبإمكانه أن يسجد حتى يحصل على الوظيفة، وبعضهم يعبد الشهوة، وهناك أناس يعبدون الواحد الأحد، نعم وهم أنتم أيها الأخيار الأبرار، وهم أنتم يا من رفع التوحيد:

فإما حياة نظَّم الوحي سيرها وإلا فموت لا يسر الأعاديا

رضينا بك اللهم رباً وخالقاً وبالمصطفى المختار شهماً وهاديا

إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا كفى للمطايا طيب ذكراك حادياً

يقول إذا سرينا في ظلام الليل وأنت قائد المسيرة فلا نخاف، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:٢١] وفي ذات مرة كلمني أحد الشباب، قال: أنا مصروع، قلت: من جان؟ قال: لا.

ذهب بلبي حب فتاة.

أعوذ بالله، قلت له: هل تصلى الفجر في المسجد؟ قال: لا أصلى الفجر.

وابن تيمية يصلى صلاة الفجر في المسجد، وهذا مرهم يعالج القلوب، ولا يعرفه إلا أهل الفجر في المسجد، أما الذين ينامون أو يلعبون الكيرم إلى صلاة الفجر فلا يجدون مرهماً ولا طباً، وفي الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: {من صلى الفجر في جماعة، فهو في ذمة الله؛ فالله الله لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من طلبه أدركه، ومن أدركه كبه على وجهه في النار} يسقط أهل المخدرات في المخدرات لأنهم لم يصلوا الفجر في جماعة، ويجلس السفهاء في الشارع يتهتكون على بنات المسلمين لأنهم لم يصلوا الفجر في جماعة، ويفسدون في البلد وينشرون الإلحاد لأنهم لم يصلوا الفجر في جماعة، وقس على ذلك.

هذا التاجر ذكره ابن أبي الدنيا: قلنا له: قل لا إله إلا الله، قال: خمسه في ستة، كم تصير؟ قلنا قل لا إله إلا الله، قال: خمسة في ستة كم تصير؟ تصير إلى سوء المصير.

وذكر ابن تيمية أن الشيخ إبراهيم الجعبري -أحد المشايخ الصالحين- قال: رأيت في منامي ابن عربي وابن الفارض وهما شيخان، وابن تيمية يؤيد هذه الرؤيا.

ابن عربي هذا صاحب الفصوص الذي أبطل النصوص، وصاحب الفتوحات المكية، وهو ظلم وظلام والعياذ بالله، وابن الفارض.

يقصد ابن تيمية أن الشيخ الجعبري رأى ابن عربي وابن الفارض في المنام وهما شيخان أعميان يمشيان ويتعثران، ويقولان: كيف الطريق؟ أين الطريق (اهدنا الصراط المستقيم)؟ أين طريق المسجد؟ أين طريق الاستقامة؟ أين طريق التوبة؟ وانتهيا وهما لا يعرفان (إياك نعبد وإياك نستعين) لا يعرفان لا إله إلا الله.

وأنا أعرف أن هناك فرقاً في العالم تتبع ابن عربي، وقد كشف زيفها ابن تيمية وفضحها على رءوس الأشهاد، ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن هؤلاء: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:١٢٤ - ١٢٦].

والأستاذ الشهرستاني -يسمى الأستاذ من ذكائه- ذكي متوقد، لكن ليس كل ذكي زكي بعضهم ذكي، لكن يستخدم ذكاءه في الإلحاد والكفر والتعرض للصالحين، وعداوة أولياء الله، والطعن في الدين.

هذا الشهرستاني ينسب إليه أنه قال:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها وطوفت طرفي بين تلك المعالم

فلم أرَ إلا واضعاً كف حائرٍ على ذقن أو قارعاً سن نادم

ما معنى الأبيات:

يقول: أنا بحثت في الجامعات والمؤسسات عن الهداية فلم أجدت إلا محتارين، وجدت الناس حيارى، أين الهداية هذه.

فرددت عليه ببيتين، قلت:

لعلك يا أستاذ ما زرت أحمداً رسول الهدى المبعوث من خير هاشم

فوالله لو قد زرته الدهر مرة لما كنت نهباً للصقور القشاعم

أنت لم تعرف طيبة، ولم تعرف القرآن ولا زمزم، ولا عرفت الحديث، وذهبت تلتمس الهداية عند الرازي وعند ابن سبعين، وعند ابن عربي، فتقول: كلهم حيارى، نعم حيارى، لكن اذهب إلى أبي بن كعب، وابن عباس، ومعاذ وابن تيمية، ومالك، وأحمد والشافعي، وأبي حنيفة فكلهم والله مبصرون، على هدىً من ربهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩].

<<  <  ج:
ص:  >  >>