[دعوة للرجوع إلى الله]
يا أيها الأخيار! وعلينا بالرجوع إلى الله عز وجل لنشرف أنفسنا لأننا كنا خير أمةٍ أخرجت للناس، يوم كنا نسجد على التراب وأرواحنا تسري إلى الله عز وجل، يوم كان الشهيد منا -من أجدادنا، من الذين فتحوا الدنيا- يأتي فيغتسل قبل المعركة ويلبس أكفانه، ويقول لطفيلاته وأطفاله: أستودعكم الله لن أعود إليكم، كما فعل عبد الله بن عمرو الأنصاري، فيقتل في المعركة، ثم يقول جابر {: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جابر! أتدري ماذا فعل الله بأبيك وإخوانه الشهداء؟ قلت: لا يا رسول الله! قال: والذي نفسي بيده لقد كلَّمهم كفاحاً بلا ترجمان، فقال: تمنوا عليّ، قالوا: نتمنى أن تعيدنا إلى الدنيا فنقتل فيك ثانية، قال: إني كتبت على نفسي أنهم إليها لا يرجعون، فتمنوا، قالوا: نتمنى أن ترضى عنا فإنا قد رضينا عنك، قال: فإني أحللت عليكم رضواني لا أسخط عليكم أبداً، قال: فجعل الله أرواحهم في حواصل طيرٍ خضر ترد الجنة، فتأكل من أشجارها، وتشرب من مائها، وتأوي إلى قناديل معلقة في العرش} قال ابن كثير: سند هذا الحديث حسن.
فأنزل الله مصداق ذلك قوله عز من قائل: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٦٩ - ١٧١].
يا رب نفسي كبت مما ألمَّ بها فزكها يا كريمٌ أنت هاديها
هامت إليك فلما أجهدت تعباً رمت إليك فحنت قبل حاديها
إذا تشكَّت كلال السيف أسعفها شوق القدوم فتدنو في تدانيها
حتى إذا ما كبت خوفاً لخالقها ترقرق الدمع حزناً من مآقيها
فإن عفوت فظني فيك يا أملي وإن سطوت فقد حلت بجانيها
إن لم تجرني برحبٍ منك في سفري فسوف أبقى ضليلاً في الفلا تيها
اللهم رد الأمة إليك رداً جميلا، اللهم أغث قلوبنا بغيث الرحمة والغفران والرضوان.
اللهم بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، أحينا حياةً طيبة، حياةً صادقة، حياةً مخلصة، حياةً متقبلة، أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا.
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم رد شباب الإسلام إليك رداً جميلا، اللهم تب عليهم، اللهم كفر عنهم سيئاتهم، اللهم أصلح بالهم، اللهم اهدهم سبل السلام، اللهم وجههم وجهةً صالحةً في الدنيا والآخرة.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.