للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفرق بين الاستغفار والتوبة]

فرق شيخ الإسلام ابن تيمية بين الاستغفار والتوبة فجعل المكفرات عشراً: الأولى: الاستغفار والثانية: التوبة، وبعض الناس يجعل الاستغفار هو التوبة، وأنا أقول كلمة: إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، فإذا جمعت الاستغفار مع التوبة افترقا، يعني: أن الاستغفار شيء والتوبة شيء آخر، وإذا ذكر الاستغفار وحده في القرآن فيدخل فيه التوبة، وإذا ذكرت التوبة وحدها في القرآن فيدخل فيها الاستغفار، فلينتبه لذلك، واعلموا -رحمكم الله- أن ابن تيمية أفاد بفائدة وددت لو تحفظونها: أنه قد ينفع العبد الاستغفار بلا توبة، وهذا سر بيني وبينكم لا تخبروا به أحداً! لأنه لو أخبرتم به أحد لتهالك الناس في الذنوب بحجة أنه يغفر لهم بالاستغفار، لكن ابن تيمية أفاد أنه قد ينفع الاستغفار بلا توبة، أي أن الذي يستمر في المعصية ويقول: أستغفر الله، أستغفر الله قد ينفعه ذلك.

وفي عيون الأخبار لـ ابن قتيبة: أن رجلاً حل مع بدو أعراب في الكوفة فقالوا له: لا تسكن معنا إلا بالاستغفار فإنه لا ينزل القُطار إلا بالاستغفار (والقُطار: الماء) وهذا صحيح ومصداقه قوله تعالى في سورة نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً} [نوح:١٠ - ١١].

قحطت مزرعة أنس في البصرة واشتد ظمؤها، وذبل ورقها، فجلس بجانب المزرعة وهو يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله قالوا: تستغفر وقد ماتت المزرعة؟! قم صل، قال: الاستغفار معه القطار (المطر) قالوا: فما انتهى إلا وغمامة روت مزرعته حتى أمرعت، وهذا صحيح فالاستغفار ينفع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>