[شجاعة الشيخ في قول الحق]
إن من أعظم ما يميز العالم أن يقول كلمة الحق صادعةً قويةً بحكمة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول لـ أبي ذر كما روى ابن حبان: {قل الحق ولو كان مراً} والعالم يوم تسلب منه ميزة قول الحق يصبح ضعيفاً وجباناً لا أثر له، ولا يستفاد من طالب العلم أن يحفظ الصحيحين والكتب الستة، ثم لا يقول كلمة الحق، ولا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر.
وقد تجلت شجاعة الشيخ في كثير، فبينما هو الرجل السمح السهل القريب الحليم المحب للفقراء؛ سرعان ما ينقلب أسداً لا يرده عن إقامة أمر الله شيء إذا علم بظلم يقع على المسلمين، أو عدوان يقع على شريعة الله عز وجل في الأرض.
ومن أعظم مواقف الشيخ موقفه مع الأستاذ/ سيد قطب رحمه الله؛ فقد قتل هذا الأستاذ المفكر العبقري الفذ ظلماً وعدواناً وطغياناً، فقام الشيخ وغضب لذلك، وقد ارتج العالم الإسلامي لمقتل سيد قطب، وأثر أن سيد قطب لما قرب ليشنق شنقاً وإعداماً تبسم، فقال أحد الشعراء:
يا شهيداً رفع الله به جبهة الحق على طول المدى
سوف تبقى في الحنايا علماً قائداً للجيل رمزاً للفدا
ما بكينا أنت قد علمتنا بسمة المؤمن في وجه الردى
فغضب الشيخ وأزبد وأرعد تلك الأيام، وأرسل خطاباً، يقول مترجم الشيخ: عندما أصدرت محكمة البغي والعدوان قرارها بإعدام سيد قطب وإخوانه، اعترى الشيخ ما يعتري كل مؤمن من الغم في مثل هذه النازلة، وتأثر الشيخ تأثراً عظيماً، وكلف الشيخ أحد محبيه بصياغة البرقية المناسبة لهذا الموقف، حتى يشهد الله أنه غضب وأنه تعامل مع إخوانه، وأنه قام في ذلك قال: وصيغت البرقية، فزاد الشيخ في آخر البرقية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:٩٣].
وأنا أذكر في الصغر ارتجاج العالم الإسلامي، والمذياع يعلن إعدام ذاك الهمام البطل، صاحب في ظلال القرآن، الذي تعرفونه غفر الله له وجمعنا به في الجنة.
وقد رأيت للشيخ خطابات لبعض الزعماء ينكر عليهم أشد النكير عدم تحكيمهم لشرع الله، ورأيت له كتاباً لبعض الزعماء في بعض البلاد الإسلامية ينكر عليه تهجمه على السنة المطهرة وعلى صاحبها عليه الصلاة والسلام.
فالشيخ يقول كلمة الحق، ويتشجع في الإدلاء بها، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ونعرف من سيرته صدقه مع الله وتحمسه وتمعر وجهه إذا انتهكت محارم الله عز وجل.