للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النهي عن كثرة السؤال]

يقول سعد بن أبي وقاص فيما رواه البخاري وغيره: [[إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته]] وهذا في عهد تنزيل الوحي، أما الآن فللإنسان أن يسأل.

والإمام مالك يرى أن الحديث الصحيح الذي نهى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كثرة السؤال، وإضاعة المال، وقيل وقال؛ أن المقصود بالسؤال هو السؤال عن الأغلوطات والتعجيز، أي: أن تعجز العلماء، فتسأل عن سؤال ليس بوارد، وفيه تعجيز للعلماء، وليس فيه نفع ولا فائدة، مثلما ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب أدب الدنيا والدين: أن رجلاً من العوام أتى إليه فقال: أخبرنا العلماء أن نجماً إذا ظهر بعد سهيل مات الذين في الأرض جميعاً، فهل هذا صحيح؟ قال ابن أبي الدنيا: فكرهت أن أكرهه بالجواب، أو أن أكفهر في وجهه بالجواب، فقلت: أتأمل المسألة وأجد لك جواباً.

وهو يريد أن يتخلص منه.

ولذلك تجد بعض الناس يسأل عن أمور وهو في حاجة ماسة إلى معرفة أمور دينه، مثل أن يسأل بعضهم: هل تدور الشمس حول الأرض أم الأرض حول الشمس؟ أو يسأل عن أطفال أهل الفترة، أو عن أطفال المشركين وغيرها من المسائل التي لا يعقد عليها كثير فائدة، ولا يستفاد منها لا في الدنيا ولا في الآخرة، والله لن يسألنا عن دوران الأرض حول الشمس، ولكن يسألنا عن دوراننا حول سنة محمد صلى الله عليه وسلم، فليدر المسلم حول سنته صلى الله عليه وسلم، وليترك الخزعبلات والتراهات التي تضيع عليه وقته، ولا تأتي هذه الأسئلة إلا من قلة العلم، أما العلماء وطلبة العلم والجادون في حياتهم فهم أضبط الناس أسئلةً.

وقيل: كثرة

السؤال

هو أن يسأل في عهد الوحي فيُحرَّم شيء، لأن الناس كلما سألوا نزل حكم، والسكوت أحسن.

وقيل: كثرة

السؤال

هو سؤال المال، كما ذهب إليه بعض المحدثين، ولكن هذا لا يتسنى؛ لأن سؤال المال مذموم قليله وكثيره إلا للحاجة.

والصحيح: أن السؤال المنهي عنه هو السؤال عن الأغلوطات، أو عما لا ينفع في الدين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>