ومفهوم المخالفة من الكلام: اعتزال جلساء السوء، فإنه ما أفسد كثيراً من شبابنا إلا جلساء السوء، وعصابات الإجرام والانحلال، وشلل البغي والعدوان، يأخذون ابنك من بين يديك وأنت تنظر بحجة الرحلة، وبحجة النزهة، والأخوة والصحبة، فيفسدون عقله وقلبه، ويخرجون منه الإيمان ويدخلون النفاق، ويخرجون مراقبة الواحد الديان، ويدخلون عمالة الشيطان، فيصبح الابن ممسوخاً، لا دين، ولا حياء، ولا صلاة، ولا حب، ولا استقبال، ولا دعاء، ولا خشوع، والعياذ بالله.
جلساء السوء هم جلساء العذاب والفرقة والغضب، ولذلك يقول علي فيما صح عنه:[[تزودوا بالإخوان، فإنهم ذخر في الدنيا والآخرة]].
قالوا: في الدنيا صحيح، لكن في الآخرة قال: يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزخرف:٦٧] فوصف الله المتقين بأنهم ينفعون إخوانهم بالخلة يوم القيامة، وقال عن الفجرة:{فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}[الشعراء:١٠٠ - ١٠١] فعلم أن الصديق لو كان ينفعهم، وكانوا مسلمين نفعهم ذاك اليوم.
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول:{المرء يحشر مع من أحب} فكيف رضينا لأبنائنا وإخواننا بجلساء السوء؟! كيف لم يشعر الوالد أن ابنه سرق من بين يديه؟! سرقة المال سهلة، قد يعاد، لكن أن يُسْرَق ابنك من بين يديك، كيف يُسْرَق؟! يُسْرَق من جلسائه في الفصل وفي الشارع، وجلسائه في المقهى يأخذونه مصلياً ويعود متنكراً، يأخذونه عابداً فيعيدونه فاجراً، يأخذونه مستحياً ويعيدونه ممسوخاً، فهذه هي بسبب ذنوب جلساء السوء التي من آثارها المخدرات وانتشارها في مجتمعنا المسلم.