للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأول: عدم الثقة بوعد الله الواحد الأحد]

إن النفاق هو الذي جعل بعض الناس لا يتصل بالله، كما سمعنا بعضهم يقول: القوة الفلانية لا يغلبها أحد! فنقول: نحن أمة مسلمة، تتصل بالله، قال: ولو!

فالمنافقون مع الرسول عليه الصلاة والسلام، عندما نزل الخندق وقد ربط على بطنه حجراً فضرب صلى الله عليه وسلم الكدية التي عرضت للصحابة -وأصل الحديث في البخاري - فلمع كالبرق فلما ضرب صلى الله عليه وسلم الصخرة، تبسم صلى الله عليه وسلم وهو جائع في وقت: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب:١٠] فقد اجتمعت فيه قوات هائلة من المشركين، واليهود والمنافقين في حلف كافر ضد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: أُريتُ قصور كسرى وسوف يفتحها الله عليّ، فضحك المنافقون وتغامزوا وقالوا: عجيب أري قصور كسرى والواحد منا لا يأمن أن يبول من الخوف، فيقول سبحانه وتعالى مخبراً عنهم: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً} [الأحزاب:١٢].

ولكن -إي والله- لقد دخلت كتائبه مكبرة مهللة وفتحت قصور كسرى وقيصر، وطبقت عدلها في العالم، ووصلت إلى قرطبة والحمراء، وسبحت بحمد الله على نهر اللوار، مصداقاً لرسالته، ولعهده، ولميثاقه مع الله تبارك وتعالى، أليس هذا هو الصحيح؟!

يجلس الرسول صلى الله عليه وسلم في غار ثور، فيقول أبو بكر: {يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لرآنا} فيتبسم -تبسم الشجاع، همة تطوي الزمن- وقال: {ما ظنك باثنين الله ثالثهما} ويقول لـ سراقة وهو يلاحقه: {سوف تسور بسواري كسرى} فيتبسم سراقة، هذا الطريد من أهل مكة يعدني بسوار أعظم امبراطور في العالم، وبعد سنوات يسور سراقة السوارين في عهد عمر ويبكي ويقول: [[صدق خليلي، صدق خليلي، صدق خليلي]].

هو الحق: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} [الطور:١٥] إنها الثقة بالله.

أبي بن خلف وهو كافر مجرم، كان يعلف فرسه ويقول له: سأقتل عليك محمداً، فسمع ذلك صلى الله عليه وسلم فتبسم وقال: أنا أقتله إن شاء الله، وفي أحد يأتي ويتسلل ليقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرسل عليه صلى الله عليه وسلم خنجراً فيقع في لبته فيموت، إن الأمة فقدت مصداقية الثقة، فلابد على الأمة أن تثق بالله، وتداوم على الاعتزاز به، والاتصال بجنابه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>