للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مقومات الخطابة عند الشيخ عائض]

السؤال

ما هي مقومات الخطابة في نظرك يا شيخ؟

الجواب

من أحسن الكتب التي كتبت في هذا الفن: كتاب لـ أبي زهرة اسمه: الخطابة، ولكن من مقومات الخطابة فيما أرى:

أولاً: الإخلاص لله عز وجل، وأن يقصد بعمله وجه الله في كل عمل يعمله.

ثانياً: أن يكون صاحب جرأة -أي: شجاع القلب- مستعد أنه يواجه الجماهير، لا يهاب، ويكون عنده رباطة جأش؛ لأن الموقف صعب، شيب رءوس كثير من العظماء، حتى يقول عبد الملك بن مروان لما قال له أبناؤه: نراك شبت، قال: من صعود المنابر كل يوم جمعة أعرض عقلي على الناس.

ثالثاً: أن يكون عنده تدرج، بأن يبدأ بالمساجد الصغيرة، وبالمجمعات الصغيرة والقرى والأرياف، ثم يتهيأ لخوض المدن وحضور الجماهير في المدن الحاشدة.

رابعاً: أن يكون عنده علم، وأن يكون كثير الاطلاع، لأن الكلمات تسعفه، فتسعفه الأبيات، والآيات، والأحاديث، والقصص، والمواقف، والنكت والطرائف، فيكون عنده مادة؛ لأن الذي عنده جرأة وليس عنده مادة كالرجل عنده شجاعة ولكن ليس لديه سيف، فلا بد من مادة.

خامساً: أن يتهيأ قبل الخطبة، كما قال عمر -لما حضر سقيفة بني ساعدة رضوان الله عليهم-: [[زورت كلاماً]] أي: هيأت كلاماً، فيعرف ما هو الموضوع الذي سوف يتكلم فيه، وماذا سوف يقول، ويحفظ الآيات والقصص ويرتبها في ذهنه ويعنصرها في ذاكرته ثم يتكلم، وإذا كتب فعليه أن يعتني بحسن الأسلوب وجمال العبارة، وأن يكرر المكتوب، وألا تقيده الورقة عن الناس.

ثم أوصي الخطباء ألا يطيلوا على الناس، وأوصيهم أن يعيشوا الواقع، وأن يزودوا خطبهم بالآيات والأحاديث الصحيحة.

وأوصيهم أن يجملوا العبارة بالأسلوب الطيب الرائق، لأن أهل الباطل غلبونا بأساليبهم، فلا بد أن نعرض الخطابة في ثوب جميل يقبله الناس، وأوصيهم كذلك أن يعملوا بما يقولون: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٤٤].

<<  <  ج:
ص:  >  >>