حضرت سكرات الموت أبا بكر الصديق فقالت ابنته عائشة رضي الله عنها وعنه: يا أبتاه! صدق الأول -وهو حاتم - يوم يقول:
لعمرك ما يغني الثواء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
فالتفت إليها مغضباً وقال: يا بنية! لا تقولي ذلك، ولكن قولي:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}[ق:١٩ - ٢١].
ثم قال: إذا مت فخذوا بغلتي هذه -خليفة ما ترك إلا بغلة وثوبين- وهذين الثوبين واذهبوا إلى عمر بن الخطاب وقولوا له: يا عمر! اتق الله لا يصرعك الله مصرعاً كمصرعي، يا عمر! إن الحق ثقيل مرير، وإن الباطل خفيف وبير، وإنما ثقلت موازين أقوام لأنهم حملوا الحق، وإنما خفت موازين أقوام لأنهم حملوا الباطل.
فذهبوا بالبغلة وبالثوبين من خليفة ملك ربع الدنيا، فوصلوا إلى عمر فأعطوه، فجلس يبكي ويقول: يا أبا بكر! أتعبت الخلفاء بعدك.
يعني: كيف نستطيع هذا المنهج؟ متى نبلغ هذا المستوى؟