للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عقيدة أهل السنة والجماعة في الأنصار]

ولذلك لابد وأن نعتقد حبهم حب الأنصار قربة إلى الله عزَّ وجلَّ، وأن بغضهم -نعوذ بالله- من الكفر والنفاق، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث: {آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار}.

وفعلاً! وُجِدَ من الناس من يبغضهم ويحاربهم، حتى أن مسلم بن عقبة المري، الذي يُسميه أهل السنة والجماعة مشركاً، قاد جيشاً إلى المدينة وحارب أهل المدينة واستباحها ثلاثة أيام، حتى تركهم يستسقون الماء ولا يُسقون، ويطلبون الطعام ولا يُطعمون، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {من كاد أهل المدينة أذابه الله كما يُذاب الملح في الماء}.

وجعل صلى الله عليه وسلم من أعظم ما يمكن أن نتوسل به إلى الله هو حب الصالحين والأنصار رضوان الله عليهم.

قال العلماء ممن شرحوا هذا الحديث: إنما نحبهم في الله عز وجل؛ لما فعلوا من نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتاب الله ودينه، لكن ما جرى بينهم كأن يبغض بعضهم بعضاً، فهذا لا يدخل في هذا الباب.

أما في عقيدة أهل السنة والجماعة فنحبهم في الله عز وجل، ونتقرب إلى الله بحبهم، ونرى أن من أبغضهم أنه بغيض عند الله عز وجل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الناس يزيدون والأنصار ينقصون، فالله الله من تولى من أمر أمتي شيئاً فعليه بالأنصار، ليقبل من مُحسِنهم ويتجاوز عن مسيئهم}.

الناس يزيدون -وهذا بالاستقراء والسبر في الحوادث والتواريخ- كل فئة زادت إلا الأنصار؛ فإنهم أخذوا ينتهون رويداً رويداً حتى لم يبق منهم إلا الأسر القليلة؛ لأن السيف -دائماً- يمضي عليهم، وبالاستقراء في معارك المسلمين التي حضرها الأنصار: كان أكثر الشهداء هم من الأنصار، وأنشأ الله منهم دول بني الأحمر في الأندلس، وينتسبون إلى سعد بن عبادة، ومنهم قبيلة مجاهدة من أقوى المجاهدين الأفغان، والذين كبدوا الشيوعية، وقتلوا الملاحدة، أعظم قتل هم الأنصار، ويسمون في تاريخهم (قبائل كادس) وهم ينسبون إلى الأنصار رضوان الله عليهم، وهم من أشجع القبائل.

جعل الله للأنصار النصر واللواء المعقود، ونسأل الله أن يُوردهم الحوض المورود، ويُوردنا معهم رضوان الله عليهم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {اصبروا حتى تلقوني على الحوض} لم يقل: يوم القيامة، ولكنه قال: الحوض، وهذا دليل على أنهم يردون معه صلى الله عليه وسلم.

ولذلك جعلهم صلى الله عليه وسلم شعاراً، يقول: {الأنصار شعار والناس دثار} والشعار: هو الذي يلي الجسد، يقول: أنتم خاصتي وعيبتي ونصحي ومشورتي وبطانتي، وما سواكم فهم دثار كاللباس الخارجي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>