اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، لك الحمد عدد الكائنات، وملء الأرض والسماوات، ينطق بها البريات، وتحصيها سبحانك كما تحصي الحسنات والسيئات، اللهم صلِّ وسلم على النعمة المهداة، والمنة المسداة، على من بعثته رحمة للعالمين، وقدوة للسالكين، وإماماً للمتقين، وخاتماً للمرسلين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
يأمر الله تعالى رسوله في هذه الآية بأن يتواضع مع المتواضعين، وأن يجلس مع الفقراء والمساكين، وألا يقوِّم الناس بأموالهم ولا بما عندهم، وإنما يقومهم بأعمالهم وصلاحهم.
مر البراء بن مالك على رسول الله صلى الله عليه وسلم والبراء بن مالك كان رجلاً فقيراً زاهداً من الصحابة، لا يملك من الدنيا إلا بيتاً من طين، وأسمالاً بالية من ثياب، وسيفه المثلم الذي يقاتل به أعداء الله، فقال عليه الصلاة والسلام -وهو ينظر إليه-: {رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره} رب أشعث: معناه متغير الشعر متفلفله، ومعنى أغبر: متغير اللون -ذي طمرين: أي: ثوبين باليين- لو أقسم على الله: أي لو حلف على كرمه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لأعطاه من بره وصلاحه.
حضر المسلمون معركة تستر، فقالوا: يا براء بن مالك! قم فقد وعَدَكَ الله خيراً، أقسم على الله أن ينصرنا هذا اليوم، قال: انتظروني قليلاً، فذهب واغتسل ولبس أكفانه وتحنط وأتى، ثم وقف أمام الجيش وقال: اللهم إني أقسم عليك هذا اليوم أن تجعلني أول قتيل في سبيلك وأن تنصر المسلمين، فبدأت المعركة فكان أول من قتل، وكان النصر حليف المسلمين، وهذا لأنه أخلص لوجه الله تبارك وتعالى ولأن الله لا ينظر إلى الصور ولا إلى ما على الإنسان من دنيا، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.