للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النفاق الاعتقادي]

أما الاعتقادي فهو: الكفر الباطن، كثير من الناس يكفر بالرسالة الخالدة، ويجحد رسالته عليه الصلاة والسلام، يعتقد أن القيامة كذب، وأن الحشر والبعث والنشور كذب، وأن ما يُلقى في القرآن خداع ودجل، فهذا منافق (١٠٠%) نفاقاً أكبر، وقاصمته من القواصم الكبرى والمصائب العظمى، فهذا جزاؤه الدرك الأسفل من النار، يحجز مقعداً هناك، وله امتياز في الحجز من أول لحظة يصل فيها إلى النار، نعوذ بالله من النار والعار والضلال والعمى.

فهذا أعمى، وليس الأعمى أعمى العينين، ولكن الأعمى أعمى القلب: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرعد:١٩].

ابن أم مكتوم أعمى العينين، ولكن قلبه ليس بأعمى، أبو جهل عيناه تبصران وترى في الظلام كما ترى القطة في الظلام الإبرة، ولكن قلبه أعمى، وابن أم مكتوم قلبه يبصر ويرى، ولكن عينيه عمياوان.

ولذلك حضر الرسول صلى الله عليه وسلم واستجاب له، فأنزل الله يوم جفاه قليلاً على الرسول عليه الصلاة والسلام قوله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [عبس:١ - ٣] يا محمد! ما يدريك أن هذا الأعمى سوف يتزكى ويصبح منارة من منارات الأرض تستقبل نور السماء، وبالفعل أصبح مؤذناً وداعية ومجاهداً، أين مات؟ قتل في القادسية -كما قال أهل التاريخ- قتلاً، عذره الله عن الجهاد، لكنه قال: [[لا.

كيف أسمع النداء للجهاد وأبقى والله يقول: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} [التوبة:٤١] والله لأنفرن]] فأخذ الراية وهو أعمى، وبقي يقاتل وهو أعمى حتى قتل رضي الله عنه وأرضاه، أما أبو جهل فمات وقتل كما تقتل البهيمة لا مصير ولا مستقبل ولا أصالة ولا عمق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>