أما اللازم الأول: فهي طاعته، فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[آل عمران:٣١] ولذلك يقول ابن القيم: "أوصد الله أبواب الجنة إلا من طريق محمد صلى الله عليه وسلم، فحرام أن يدخل الداخل من أمته الجنة إلا من طريقه، فالذي لا يأتي من طريقه، فليس بداخل أبداً والجنة عليه حرام".
ولذلك من أراد أن يهتدي بغير هداه، فقد ضل سواء السبيل، وكثير من الناس تجدونهم في تراجم بعض أهل المعارف، والذين يدعون علم الفلسفة والزندقة، وعلم المنطق، وعلم الكلام الذين أعرضوا عن منهجه وعن سنته صلى الله عليه وسلم، والذين ادعوا الاهتداء وقالوا: نهتدي بغير هذا، فأضلهم الله.
وكم أكرر هذه الكلمة لجودتها ولقوتها؛ ولأنها كلمة حارة يتعظ بها من شاء الله أن يتعظ وهي قول شيخ الإسلام في مختصر الفتاوى:"من ظن أنه يهتدي أو من اعتقد أنه سوف يهتدي بغير كتاب الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وبغير سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".
لازم الحب الطاعة، والذي اعتقد محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم لا يعتقد طاعته فليس بصادق في محبته.
تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا لعمري في القياس بديع
لو كنت حقاً صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
هذا من كلام ابن المبارك رضي الله عنه، ولذلك كذَّب الله مقالة اليهود، يقول تبارك وتعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}[المائدة:١٨] فقال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ}[المائدة:١٨].
قال أبو سعيد الخراز:"ائتوني بكلام من القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه فسكت الناس، قال: قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ}[المائدة:١٨] " فمفهوم الآية بالمخالفة، أن الحبيب لا يعذب حبيبه، السبب في ذلك: أنهم كانوا يقولون: نحب الله عز وجل -وهذا التلازم بين الآيتين، بين آية آل عمران وآية المائدة- فيقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران:٣١] لأن اليهود والنصارى يقولون نحب الله لكن لا نتبع محمداً صلى الله عليه وسلم، فكذب الله مقالتهم ورد بدعتهم وفريتهم، وأدحض حجتهم وقال:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران:٣١] وإذا رأيت الإنسان يقول: أنا أحب الرسول صلى الله عليه وسلم ثم لم يتقيد بالسنة، ولم تظهر عليه معالم السنة فلا تقبل قوله، وكذبه في الحال؛ لأنه لم يطع الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا لعدم حبه له.