صبره على الشدائد صلى الله عليه وسلم وتواضعه الجمّ
ويعيش عليه الصلاة والسلام في الفقر صبوراً متماسكاً محتسباً, عاش فترة من حياته فقيراً, لا يجد كسرة الخبز من البر, يبحث عن التمر فلا يجد التمر, يأتيه الملك من السماء بمفاتيح كنوز الدنيا فيقول: {أتريد أن أحول لك -بإذن الله- الجبال ذهباً وفضة؟ قال: لا.
بل أجوع يوماً وأشبع يوماً حتى ألقى الله} يعيش فقيراً، لا يجد فِراشاً حتى يثنيه ثنيتين، ثنية واحدة, ينام على الخصف فيؤثر في جنبه, يدخل عليه عمر ورضي الله عن عمر , فيجد سعف النخل قد أثر في جنب المصطفى الشريف عليه الصلاة والسلام, فيبكي عمر، وتسيل دموعه ويهتز، فيقول له عليه الصلاة والسلام: {ما لك يا عمر؟ قال: يا رسول الله! كسرى وقيصر؛ ملوك فارس والروم؛ وهم أعداء الله، يعيشون في ذهب وفضة؛ وحرير وديباج؛ وأنت حبيب الله تعيش في هذه الحالة؟! -فماذا يجيبه عليه الصلاة والسلام- يقول: يـ ابن الخطاب! أفي شك أنت؟ أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ قال: بلى}.
كفاك عن كل قصر شاهق عمد بيت من الطين أو كهف من العلم
تبني الفضائل أبراجاً مشيدة نصب الخيام التي من أروع الخيم
إذا ملوك الورى صفوا موائدهم على شهي من الأكلات والأدم
صففت مائدة للروح مطعمها هدي من الوحي أو عذب من الكلم
عليه الصلاة والسلام في الرقة والرحمة، صاحب الدمعة الحانية, والشفقة البالغة, يرى العجوز المسن فتدمع عيناه عليه الصلاة والسلام, يرى الشيخ الكبير، فيحترمه ويوقره ويقف معه, يرى الطفل فيحمله ويضمه ويشمه ويقبله ويمازحه ويمسح رأسه عليه الصلاة والسلام.
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:١٠٧] توقفه امرأة عجوز في طريق من طرق المدينة في حرارة الشمس فيقف معها ساعة كاملة, يقف معها حتى تنتهي وهو إمام العالمين.