يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بعد آية الجزاء:{فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:٣٠] فكثير من السيئات تستوجب النكال والعذاب في الدنيا والآخرة لكن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يعفو، فلسنا نجازى بكل إساءاتنا بل يعفو سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وهذا ملموس، يقول ابن القيم في الفوائد: احذر المعاصي فإنها في الطريق.
يعني: أنها لك كميناً في طريقك تثور عليك بعد أيام ولو بعد أربعين أو خمسين سنة.
قال بعض أهل السير والتراجم وهي من الإسرائيليات: أن يعقوب عليه السلام لما فات يوسف عليه أربعين سنة كان ذلك جزاء له لما قال لأبنائه: أخاف أن يأكله الذئب، ولم يقل أتوكل على الله، ففقده أربعين سنة يبكي عليه، وقال أحد التابعين: نظرت نظرة لا تحل لي فقال لي أحد المشايخ والعلماء: أتنظر إلى الحرام؟! والله لتجدن غبها -أي: نتيجتها- ولو بعد حين، قال: فنسيت القرآن بعد أربعين سنة.
وجاء الإمام الشافعي كما في ترجمة وكيع بن الجراح المحدث صاحب كتاب الزهد، وكان يسمى شيخ الإسلام من رجال البخاري ومسلم، جاء إليه الشافعي فقال: سمعت أنك من أحفظ الناس، يقول ابن المبارك: حفظنا تكلف أما حفظ وكيع فهو جبلة فطرة، قال: فما هو أحسن شيء في الحفظ؟ قال وكيع: جربت الأدوية وجربت كل شيء فوجدت أحسنها ترك المعاصي، فقال الشافعي: