للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الاستهزاء بالدين وكيفية مواجهته]

السؤال

يقول السائل: كثر الغرباء، وكثر المستهزئون بالدين كما ذكرتُم، كيف لنا أن نواجه المستهزئين، خصوصاً وأنهم إما إخوة، أو آباء أو أمهات؟ وهل يجوز أن نستخدم الشدة معهم إلى أن يستجيبوا لنا؟

الجواب

أولاً: مما يُطرح للدعاة -وهذا أمر معروف- أن اللين مطلوب، كلُّ حكمةٍ لِيناً، ولا كلُّ لِيْنٍ حكمةً، فالله يرسل موسى عليه السلام إلى أكبر طغاة الأرض، (إلى فرعون) فيقول له: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً} [طه:٤٤] أي: لفرعون الذي مزق الأعراض، وداس التاريخ {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:٤٤] قولاً ليناً أي: أن تكنيه بكنيته، وكنية فرعون -كما قال سفيان الثوري، عند ابن كثير - أبو مُرَّة مرر الله وجهه في النار، فيقول موسى: يا أبا مُرَّة ذلك لفرعون، فما دام هذا الخطاب لفرعون فكيف بأحبابنا، وأهلنا، وجيراننا؟

أما مسألة الاستهزاء: فهذه حقيقة من الحقائق، وهي سنة من سنن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يوجد من يستهزئ بالمستقيمين، وبالملتزمين قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} [الفرقان:٣١] قال ابن تيمية: هادياً يهدي قلبه، ونصيراً ينصره في شريعته، أو في سيرته أو كما قال.

هذا أمر، فإذا تكفل الله لك بالهداية والنصرة، فما عليك ممن يستهزئ بك من الناس، فإنك على خير، لكن ليعلم هذا المستهتر أن هذا الاستهزاء يؤدي به إلى الكفر كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:٦٥ - ٦٦] لأنك تستهزئ أيها المستهزئ بالإسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم، بالرسالة الخالدة، بـ الكعبة المطهرة، بهذا الكيان العالمي الذي تركه صلى الله عليه وسلم.

ثم أنبه الإخوة ألا يجعلوا للناس طرقاً إلى أن يستهزئوا بنا؛ السنة معروفة، وهي جمال وكمال وجلال؛ لكن إذا تجاوزنا السنة، أو زدنا على السنة، أو نزلنا عن السنة، استهزأ بنا الناس، الثوب كما تعرفون إلى نصف الساق، ولك إلى ما فوق الكعبين، لكن أن تجعله إلى الركبة فهو فَنِيْلَة، وليس بثوب فيُعذَرُ الناسُ إن استهزءوا، وهذا معروف فالسنة لا يستهزئ بها أحدٌ، لكنك لا تجد من يستهزئ إلا إذا تجاوز الإنسان، إما خرج طولاً أو عرضاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>