[قصة الشيخ الذي شكا ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم]
يجلس عليه الصلاة والسلام في مجلس مع الصحابة، فيأتي شيخ كبير مسن عجوز، وهو يبكي، فيقول عليه الصلاة والسلام: ما لك؟ قال: يا رسول الله! أشكو إليك داهية من الدواهي -أي: معضلة من المعضلات- قال: ما لك؟ قال: ابني يا رسول الله! ربيته، سهرتُ لينام، وجعتُ ليشبع، وظمئت ليروَى، وتعبت ليرتاح، فلما كبر غمط حقي وظلمني، ولوى يدي وضربني -ذكر ذلك الزمخشري وغيره- ثم أنشد شعراً في ولده يقول:
غذوتُك مولوداً وعِلْتًك يافعاً تعلُّ بما أجني عليك وتنهلُ
إذا ليلةٌ ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا شاكياً أتململُ
كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيناي تَهْمِلُ
فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما فيك كنتُ أؤمِّلُ
جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضلُ
فليتك إذ لم ترعَ حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعلُ
فبكى عليه الصلاة والسلام، وروي أن جبريل نزل فقال:{إن الملائكة بكت لبكاء هذا الشيخ} ثم استدعى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه، فأخذ بتلابيب الابن وهزَّه، وقال:{أنت ومالك لأبيك} ليبين عليه الصلاة والسلام أن الابن وماله لأبيه يتصرف فيه، وأنه لا يجوز أن يخرج عن طاعته، إلا إذا أمر بمعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.