الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراًَ، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
مع كتاب الله عز وجل عوداً على بدء، وجلسة محمودة، جلسة من رياض الجنة، نسأل الله تعالى أن يرزقنا فيها المثوبة والإخلاص والفتح من عنده، وأن يفقهنا في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم""بسم الله الرحمن الرحيم": (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ)[البقرة:١٧ - ١٨].
لا يزال الحديث عن المنافقين، وقد مَّر بنا هذا المثل لكننا ذكرناه بإيجاز، أما هذه الليلة فسوف نذكره بتوسع ونذكر كلام أهل العلم وما قالوه في هذين المثلين اللذين ذكرهما الله عز وجل للمنافقين.
لقد وصف الله عز وجل المؤمنين في أول سورة البقرة بخمس آيات، ثم ثنىَّ بآيتين في وصف الكافرين، ثم ثلَّث في وصف المنافقين بثلاث عشرة آية، فلعظم خبثهم ونفاقهم ودسيستهم ودجلهم أكثر القرآن من ذكرهم.
قال ابن القيم في كلام ما معناه: لا إله إلا الله كم من حصن للإسلام هدموه! ولا إله إلا الله كم من علم للإسلام نكسوه! ولا إله إلا الله كم من ركن للإسلام دمروه!
وهؤلاء المنافقون ذكرهم الله عز وجل في القرآن في مواطن كثيرة، وسوف نتعرض لها بإذن الواحد الأحد.