للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإنفاق في سبيل الله]

أيها الإخوة الكرام! ومن الطاعات العظيمة في رمضان التي يفعلها أهل رءوس الأموال والتجار وهي مواسمهم، يوم يكونون تجاراً مؤمنين مسلمين؛ الإنفاق، وإطعام الجائعين، وتقديم الصدقات؛ لأنا رأينا الكفرة النصارى والشيوعيين ينفقون أكثر -أحياناً- مما ينفق المسلمون، لكن الآن موسمكم يا أهل رءوس الأموال! الآن تفطير الصائم، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من فطر صائماً فله مثل أجره دون أن ينقص من أجره شيء} أي: من أجر الصائم، مذقة لبن، أو شيء من تمر، أو قطعة خبز، يتوهم الذي يصف الأشكال والأنواع والحلو والحامض والبارد من الأطعمة أنه لا يوجد في الناس فقير.

امرأة الملك الإنجليزي، عندنا تظاهر الإنجليز في لندن يريدون الخبز، وقد ماتوا من فقد الخبز، فأخذوا يكسرون زجاج القصر، خرجت من الشرفة وقالت: "لماذا لا يأكلون كعكاً أو بسكويتاً؟ لو وجدوا كعكاً وبسكويتاً لكان الخبز متوفراً، فالناس فقراء، ونعرف أن في الناس من لا يجد إفطاراً، وهذا أمر معلوم لمن كان متصدراً لأمور الناس أو إمام مسجد أو مؤذناً أو نحو ذلك من الأمور التي تناسب العامة أو تتداخل مع العامة.

فالآن أتى موسم الصدقات والعطيات، فليفعلوا كما فعل محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان أجود بالخير من الريح المرسلة.

يقولون: إن ابن المبارك كان يعرض سفرته من كل ما لذ وطاب ويفطر الناس ويباشر عليهم - ابن المبارك علاَّمة المسلمين، أمير المؤمنين في الحديث، وصاحب الكتب المؤلفة التي كأنها الديباج، المجاهد إذا طلبت الجهاد، والزاهد إذا بحثت عن الزهاد، والعابد إذا فتشت في صفوف العبَّاد- كان يفطِّر الناس ويباشر عليهم بالإفطار، لماذا؟! {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} [الإنسان:٨ - ١١].

ابن هبيرة الوزير الحنبلي، حج فكان يصوم في السفر، كان يطعم الناس الفالوذج رضي الله عنه وأرضاه، ولما قحط الناس في مِنَى أو عرفة واشتد الحر بالناس وانتهى الماء رفع يديه وبكى فنزل الغيث، قال: "يا ليتني أني سألت الله المغفرة! " فرحم الله الوزير العادل ابن هبيرة وابن تيمية عندما يذكره يسميه: الوزير العادل، والإمام العلامة الحنبلي، فهذا هو ابن هبيرة الحنبلي، غفر الله لنا وله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>