للفائدة يقولون: إن ثياب أهل الجنة من أكمام في الشجر، تطلع الشجرة فتأتي بأكمام الثياب بزاً وقماشاً فيلبسونها وهي مفصلة جاهزة، وعرقهم المسك، ومجامرهم الألوة، وأزواجهم الحور العين، الواحدة منهم لو أشرقت على الدنيا لكسفت الشمس من نورها وبهائها {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:٢٥].
{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً}[البقرة:٢٥] في هذا المقطع مسائل:
قوله:(كُلَّمَا رُزِقُوا مِنها) أي: من الجنة.
(مِنْ ثَمَرَةٍ) يقولون: من طلع الشجرة الذي يؤكل وكل ما في الجنة يستفاد منه: {رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} من قبل ماذا؟ لأهل العلم رأيان:
الرأي الأول: يقولون: رزقنا هذا في الدنيا، هذا الثمر الذي أعطيتمونا في الجنة قد رزقنا مثله في الدنيا! فتقول الملائكة: ذوقوا فإن اللون والطعم غير الطعم.
الرأي الثاني: وهو الصحيح (هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ) يقولون: قبل قليل أعطيتمونا هذا أكلناه، فكيف تعيدون لنا هذا؟ قالوا: اللون واحد ولكن الطعم مختلف، من كثرة ما جعل الله فيها من العجائب والألوان؛ ومن العجب أن جعل اللون واحداً، ولكن يذوقونه فإذا الطعم مختلف تماماً، (قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً) متشابهاً أي: يشبه هذا هذا، ولكنه يختلف في الطعم ولو اتفق في اللون، والمشبه يتفق مع المشبه به في بعض الوجوه، ولكن يختلف من وجوه أخرى؛ فلله الحكمة البالغة.
وورد عن ابن عباس أنه قال:[[ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء]] فالرمان: ذكر في الجنة وهو في الدنيا، لكن والله ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء فحسب: الرسول صلى الله عليه وسلم {صلى بالناس صلاة الكسوف، فتأخر خطوة ثم تقدم خطوة، فقالوا: مالك يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة، ورأيت عنقود عنب فيها فأردت أن آخذه، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار، ورأيت عمرو بن لحي الخزاعي يجر قصبه في النار -لأنه أول من سيب السوائب وأدخل الأصنام جزيرة العرب - ورأيت في النار امرأة تعذب في هرة لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض}.