تعرضتم لقضية انشراح الصدر مع الطاعة والإيمان، ولكن نجد بعض أهل الإيمان من الصالحين يصاب بأشياء يقال: بأنها أمراض نفسية مثل: الهم والحزن والاكتئاب وضيق الصدر، فهل هذا يعني أن في إيمانه خللاً أو في إخلاصه، أم أنها أمراض مثل أمراض الجسد مع التعقيب على ضوء الآية:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ}[الأنعام:١٢٥].
الجواب
يا أخي! ما ذكرته صحيح وهو واقع ويحمل على أحد محملين اثنين:
المحمل الأول: أن يعاقب العبد بسبب ذنوبه بهذه الأمور، كأن يكون ناقص الإخلاص فيصاب بهم وغم وحزن، أو ينظر نظرة غير مسئولة محرمة، أو يسمع أغنية -وما أعني بذلك أنه خرج من الإسلام- فيصاب بكدورات وعقوبات وسيئات وجزاءات في الحياة الدنيا.
المحمل الثاني: يقولون: أن تكون رفعاً لمنزلته، أي: قضاءً وقدراً من الله عز وجل ليرفع منزلته فيبلى عليها ويؤجر عليها إذا صبر، كالمرض العضوي، كالحمى، ومرض السرطان وغيره من الأمراض، يصاب بهذا فيرفع الله منزلته، واختلف العلماء من أرباب القلوب، هل أعظم الطرق لانشراح الصدر السرور أم الحزن وتذكر ما عند الله عز وجل والقلق من هذه الحياة؟ قال الحسن البصري: طريق الحزن، وأتى ابن القيم مع أبي إسماعيل الهروي بمنزلة من منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] قال: ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] منزلة الحزن، ثم أتى بحديث ضعيف عن المصطفى عليه السلام قال:{وكان متتابع الأحزان} ولكن شيخ الإسلام الأستاذ الكبير ذاك يقول: الحزن ليس من منازل السائرين إلى الله، ولا يؤجر عليه العبد إلا إذا كانت مصيبة صبر لها واحتسب، ولا يطلب من العبد أن يكون حزيناً، بل الرسول صلى الله عليه وسلم أشرح الناس صدراً:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}[الشرح:١] فتش في جوانحك وابحث في خفاياك أما وجدناك أشرح الناس صدراً.
إذاً فليس الحزن مطلوب وليس من منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] وهذه المنزلة التي ذكرها ابن القيم رحمه الله ليست بصحيحة وحديثها ضعيف -فليعلم ذلك- وإنما يكون على أمرين: إما ذنب فيكون جزع، وإما أن يقدر على العبد فيرفع به منزلته فيكون مما يثاب عليه العبد مثل: الأمراض العضوية فليعلم هذا.