الفهم: وهو نظرية التأمل والإصغاء، ولا بد منه، بل لا خير في قراءة بلا فهم، قال تعالى:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:٢٤] وقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}[النساء:٨٢] وقال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص:٢٩].
هل تدبرنا لماذا نزل القرآن، وما يريد منا، وماذا نعمل معه؟
أيها الأبرار، وأيها الأخيار، يا طلبة العلم! لا بد أن تكون نظرية التأمل والتدبر حية في أذهاننا.
الحديث ينفعك بالتدبر، والفقه ينفعك بالتدبر، لقد رأينا وسمعنا وعشنا أن المذكرات التي يؤلفها البشر في الامتحانات نسهر عليها في الليل، ونضع تحت كل سطر خطين أو ثلاثة، ونستخرج منها الكنوز وليس فيها كنوز، ونقف مع الدرر وليس فيها درر، ونستخرج الجواهر وليس فيها جواهر، فإذا أتينا نقرأ القرآن يوم الجمعة نعسنا.
نقرأ آية من هنا وآية من هنا، وقلوبنا في الوادي.
إنه كلام رب البشر، إنه كلام من أنزل هذا القرآن على سيد البشر، كلام يحيي القلوب، ويحرك العواطف، وتجيش له الأرواح.
فقضية الفهم -أيها الإخوة- في القرآن وفي غيره لا بد منها.
تقرأ الحديث أولاً، ثم تستنبط منه، فإن استطعت أن تجالس زميلك وتقول: ماذا تستنبط من هذا الحديث؛ فعلت، وكذلك تناقشه ليثبت العلم.
إن دراسة العلم للامتحان تذهب في وقت الامتحان، يخرج الطالب من الفصل وقد ترك العلم في الفصل يقول الشافعي:
علمي معي حيثما يممت يتبعني قلبي وعاء له لا بطن صندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي أو كنت في السوق كان العلم في السوق
أي: أنا لا أغلق عليه في الصناديق بل أنا أحفظه وأفهمه وأتدبره، وقيل: إنها للفقيه منصور.