وكان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام شجعاناً، فإن إبراهيم عليه السلام لم يحمل التوحيد متكاسلاً متوانياً في بيته، بل قام على الأصنام بالفأس فكسر رءوسها:{فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ}[الصافات:٩٣] قال أهل العلم: لإبراهيم عليه السلام روغتان: روغة شجاعة وروغة كرم، راغ إلى الأصنام فكسرها، وراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين.
فالذي يريد أن يروغ يروغ كإبراهيم عليه السلام لكن في حدود الأدب، فلا تأخذوا من قصة إبراهيم أن للداعية تغيير المنكر باليد أو بالكسر، فإني أخشى أن تكون العواقب أعظم والفساد أكبر والمنكر أشنع، لكن عليه أن يسلك الطريق الأمثل في إنكار المنكر؛ كأن يقول كلمة الحق أو يهدي نصيحته في قالب من الأدب، وقبل أن نكون مؤدبين ومعزرين للناس، يجب أن نكون محببين إليهم، ثم يرفع إلى أهل الحل والعقد وإلى القضاة والمسئولين بأمر هذا المنكر حتى يتلافى.
أيضاً موسى عليه السلام بارز في الميدان بقوة الحجة ومعه العصا، يقول لفرعون اللعين والله يأمره:{فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه:٤٤] قال كلمة اللين، قال له: يا أبا مرة، لكن لما أتت المصارحة يقول له فرعون:{فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً}[الإسراء:١٠١] قال له موسى: يا مجرم.
أيضاً محمد صلى الله عليه وسلم ما علمت أشجع منه على مر التاريخ.
ينام في بيت واحد ويطوق بخمسين مقاتل ويخرج عليهم ويحثو عليهم بالتراب:{وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ}[يس:٩].
ينام في الغار ويقول:{لا تحزن إن الله معنا} ويحضر الحروب بنفسه صلى الله عليه وسلم، ويدمر الأعداء ويعيش صلى الله عليه وسلم شجاعة، ويبتسم في المعركة وهو أنيس القلب مع الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.