[الحرص على اتخاذ الأعوان الصالحين والناصحين]
العنصر السابع: الحرص على اتخاذ الأعوان الصالحين والإخوان الناصحين.
لكل مسئول جلاس، ولكل موظف سمار، ولكل أمين مؤتمنون حوله، يجلسون معه، ويعطيهم سره، وأمره، وفي صحيح البخاري يقول: الرسول عليه الصلاة والسلام: { h=٧٠٠١٥٦٦>> ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة، إلا قيظ له بطانتين: بطانة تأمره بالخير وتنهاه عن السوء، وبطانة تأمره بالسوء وتنهاه عن الخير، فمن أراد الله به خيراً قيظ له من يأمره بالخير وينهاه عن السوء، ومن أراد به السوء قيظ له من يأمره بالسوء وينهاه عن الخير} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
والبطانة: خاصة الرجل.
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧] وقال عليه الصلاة والسلام عند الترمذي بسند لا بأس به: {لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي} لا تجعل جليسك يا مسئول إلا مؤمناً يخاف الله، أمين السر، أمين المكتب، السكرتير، المسئول، المراقب، صاحب الاتصالات، الكاتب، الموزع، السائق، اجعلهم ممن يتقون الله.
عندما تولى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه جاء فحجب الحاجب وقال: [[اعزل نفسك، قال: ولم؟! قال: رأيتك تتستر في ظل الخيمة، والناس في الشمس في عهد الوليد بن عبد الملك، والله ما تكون لي حاجباً أبداً، تعال يا مزاحم أنت حاجبي، فقد رأيتك تكثر من قراءة القرآن وتصلي الضحى في مكان لا يراك إلا الله]] وكان عمر يقدر الناس بقدر تقواهم.
وفد عليه ثلاثة شباب، قال للأول: ابن من أنت؟ قال: أنا ابن الأمير الذي كان في عهد الوليد، قال عمر: اغرب عني وأبيك، فإن أباك كان يجلد المسلمين.
قال للثاني: وأنت ابن من؟ قال: ابن والي الكوفة قال: دعني منك ومن أبيك.
وقال للثالث: وأنت ابن من؟ قال: أبي هو قتادة بن النعمان الذي ضرب في عينه يوم أحد -ضربه مشرك فسالت عينه على خده- فردها محمد صلى الله عليه وسلم فكانت أحر من الأخرى ثم قال الفتى:
أنا ابن الذي سالت على الخد عينه فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فبكى عمر بن عبد العزيز وقال:
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
يقول: من أراد أن يفتخر فليفعل مثلك، أنت النسب، أنت البطل، أنت التقي، فلذلك يقول عليه الصلاة والسلام: {المرء يحشر مع من أحب، فمن أحب الصالحين حشر معهم}.
تولى علي رضي الله عنه وأرضاه الخلافة، فتفرقت الأمور وما ضبطت كعهد أبي بكر وعمر فجاء رجل إلى علي وقال: يا أمير المؤمنين! ما للناس أطاعوا أبا بكر وعمر وما أطاعوك؟!
قال علي -وكان ذكياً- قال: أتدري لماذا أطاعوهم وعصوني، كانت الرعية في عهد أبي بكر وعمر، الرعية علي وطلحة والزبير وعثمان ومعاذ وأبي وسعد، ولما توليت أنا أصبحت الرعية أنت وأمثالك.
وجاءه رجل يمدحه فقال علي: خفف من كلامك، فإني أعظم مما في نفسك ودون ما تقول.
يعني كأن الرجل في الظاهر يمدح علياً كرم الله وجهه، وفي الباطن لا يرى حق علي، قال: أنا أعظم مما في صدرك وأنا دون لا تذكر من غلو المدح.
إذا عرف ذلك فقد عرف عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل}.
يقال في بعض أسباب الحديث -ولو أن السند ضعيف إن امرأة أتت من أهل مكة -كانت مزاحة تضحك النساء- فنزلت على امرأة مزاحة في أهل المدينة، فقال في الحديث الآخر: {الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف} ولذلك تجد الصالح يأنس للصالحين، سائقه صالح، والسكرتير عنده صالح، وأمين المكتب صالح، والمتصل صالح، والموزع صالح، فيأنس لهم بخلاف الذين تولوا عن منهج الله.