للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عدم التناصح والتناهي]

مر بالأمة وقت لا تأمر فيه ولا تنهى، بل القليل من يأمر وينهى، وأصبح عند الأمة في وازعها وشعورها أن هناك خجلاً من الرأي العام، إذا قلت للمرأة السافرة: اتقي الله وتحجبي، وهذا يختلف في المناطق كثرة وقلة بسبب الغيرة، وبسبب الحماس والعلم، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ.

كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٩].

وعند ابن حبان بسند صحيح عن أبي ذر، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم {يا أبا ذر! قل الحق ولو كان مرا} والحق مر يذهب بالرءوس والدماء.

فنحن بحاجة إلى أن نعلن الآن أننا أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن بالحكمة التي يرضاها الله، لا نأمر بمعروف ونأتي بمنكر أكبر أو ننهى عن منكر ونأتي بمنكر أعلى وأقبح منه.

يقول أحد العلماء: (ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف، ونهيك عن المنكر بلا منكر) وهذه هي الحكمة التي أتى بها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام.

وعند أحمد في المسند بسند صحيح، عن أبي ذر، قال: {بايعني رسول الله خمساً، وعقد علي سبعاً، وأشهد علي تسعاً، أن أقول الحق ولا أخاف في الله لومة لائم} ولذلك تجد أبا ذر دائماً لا يرهب أبداً، يقول الكلمة ولو كانت ستودي برأسه أو بمستقبله، ومن قرأ ترجمته عرف ذلك، يقول فيه القائل:

أطرد الموت مقدماً فيولي والمنايا أجتاحها وهي نعسى

لاطفوني هددتهم هددوني بالمنايا لا طفت حتى أحسَّا

أركبوني نزلت أركب عزمي أنزلوني ركبت في الحق نفسا

<<  <  ج:
ص:  >  >>