[تقسيم الذنوب إلى كبائر وصغائر وبيان معنى كل منها]
من تسبب في سب أو لعن والديه؛ فقد ارتكب إحدى الكبائر، نعوذ بالله من ذلك: {إن من أكبر الكبائر} فيه دليل عند أهل السنة والجماعة على أن الذنوب صغائر وكبائر،
و
السؤال
ما هي الكبائر؟ وما هي الصغائر؟ أو ما هو تعريف الكبائر؟ وما هو تعريف الصغائر؟ أو هل هناك كبائر؟ وهل هناك صغائر؟
الجواب
فيه ستة أقوال لأهل العلم من السلف الصالح، وفيه قولٌ للأشاعرة، وقولٌ للأحناف من الفقهاء، وقولٌ للمحدثين، قيل: لا كبيرة ولا صغيرة، بل كل الذنوب كبائر، ونقل هذا القول عن ابن عباس بسند صحيح أنه قال: [[كلها كبائر، والكبائر تصل إلى سبعمائة]] وقال: [[هي للسبعمائة أقرب]] وفي لفظ أنها إلى السبعين أقرب، فهل يوافق على هذا القول، وأين قول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:٣١] أليس فيه كبائر؟ وقوله صلى الله عليه وسلم: {ألا أخبركم بأكبر الكبائر، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله الحديث}.
إذاً ما هو الحد الفيصل بين الكبائر والصغائر؟ قيل الكبائر هي: ما استهان بها الشخص، نعوذ بالله من ذلك، والاستهانة بالمعصية معصية أخرى، فبعض الناس يعصي بلا مبالاة، ولذلك تكبر المعصية بسبب ما يصاحبها من قرائن وسياقات، كأن يترك الصلاة أو يتهاون ويؤخر الصلاة شخصان، تقول لهذا: لماذا أخرت الصلاة؟ فيحمر وجهه، ويقول: أستغفر الله وأتوب إليه، وتقول لهذا: لماذا أخرت الصلاة؟ فيقول: وماذا حدث؟ هل قامت الحرب العالمية الثالثة؟! هل انطبقت السماء على الأرض؟! كلها صلاة، هذا الوقت وقت، وهذا الوقت وقت، فهذا يحمل كبيرة، وذاك قد يغفر له.
ولذلك ذكر ابن تيمية أن مما يكبر المعاصي الأحوال والأجناس، وذكره قوله صلى الله عليه وسلم: {ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم، قيل: من هم -يا رسول الله- خابوا وخسروا.
قال: عائل مستكبر} فقير ويتكبر، لماذا؟ لقلة الداعي، لماذا يتكبر وهو فقير؟! لو قالوا: غني كان أيسر، ولو كان عنده تجارة بسيطة فإنه لا يعذر لكنه أخف، أما فقير ليس عند شيء ويتكبر! فهذا يسمى حشف وسوء كيلة أعمى مكابر، قال: {وأشيمط زانٍ} شيخ -نعوذ بالله من ذلك- شاب رأسه وشابت لحيته ويزني! لو كان شاباً ما كان معذوراً، لكن ربما كان جموح الشباب موجوداً، لكن شيخ ويزني: {وملكٌ كذاب} فالملك ليس بحاجة إلى أن يكذب!
فهؤلاء الثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، لماذا؟ لقلة الداعي عندهم.
والقول الراجح إن شاء الله: أن الكبائر ما توعد الله عليها بعذاب في الآخرة، أو بلعنة في الدنيا أو بحد من الحدود، فهذه كبائر، وعد صلى الله عليه وسلم من الكبائر سبعاً: {عقوق الوالدين، والسحر، وقتل النفس، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات} سبع عدها صلى الله عليه وسلم، وفي الأحاديث الأخرى أنها تزيد عن السبع، وربما لو جمعت الأحاديث لبلغت عشرين أو أكثر، ومنهم من قال سبعة وسبعين.
إذاً: الكبيرة هي ما توعد الله عليه بلعنة في الدنيا، نعوذ بالله من لعنة الله، أو بعذاب في الآخرة، أو بحد من الحدود، والصغائر هي ما سوى ذلك، ولكن الصغيرة تختلف، فمن الغيبة ما تكون كبيرة الكبيرة، ومنها ما تكون كبيرة فحسب، قالوا: الغيبة بقذف، والغيبة بلا قذف، وأما الغيبة للحاجة فقد رخص فيها بعض أهل العلم، وفيها رسائل, وكلام للنووي، ورسالة للشوكاني اسمها رفع الريبة في من تجوز فيه الغيبة، وهذا حديث البخاري الذي فيه لا يسب الرجل والديه، وهذا يسمى عند المحدثين أو عند الفقهاء من التخلية قبل التحلية.