[من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم]
أما أبو القاسم -حبيبنا عليه الصلاة والسلام- فله دعاء، لكن دعاءه له طعم خاص، دعاؤه من أعجب الدعاء، ومن أحسن ما يكون، دعاؤه يصل إلى القلب مباشرة، في الصحيحين عن ابن عباس قال: {بت عند خالتي ميمونة -زوجة محمد عليه الصلاة والسلام- فأتى عليه الصلاة والسلام وقد تناومت -لم ينم ابن عباس ولكن تناوم لأنه يريد أن يرى عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم في الليل، فقال صلى الله عليه وسلم لـ ميمونة: نام الغليم؟ قالت: نام.
قال: فسبح عليه الصلاة والسلام ونام حتى سمعت غطيطه، ثم قام فقضى حاجته، ثم قام فتوضأ، ثم استقبل القبلة، وقال: اللهم أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، اللهم أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، اللهم أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وعند مسلم عن عائشة: {كان عليه الصلاة والسلام إذا قام من الليل يقول: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم}.
كان يدعو فتأتي الإجابة مثل فلق الصبح، أتاه رجلان من العرب يريدان قتله، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت.
والعربيان هما: عامر بن الطفيل سيد من سادات العرب، وأربد بن قيس يريدون ذبحه فمنعه الله، فأما عامر بن الطفيل فأصابه الله بغدة كغدة البعير فقتلته في بيت عجوز سلولية، وأما أربد بن قيس فأرسل الله عليه صاعقة من السماء فأحرقته.
ابن أبي لهب آذى الرسول -عليه الصلاة والسلام- وقال بعض أهل السير: قام ابن أبي لهب فتفل في وجه المصطفى عليه الصلاة والسلام (بصق في وجهه).
لا إله إلا الله! جازاه الله بصنيعه.
فقال عليه الصلاة والسلام: اللهم سلط عليه كلباً من كلابك.
فسافر هذا الرجل مع قافلة إلى الشام، فكانوا إذا أرادوا أن يناموا توسطهم، قالوا: ما لك تخاف؟! قال: دعا علي محمد، ودعوته لا تخطئ وأنا أخاف من السباع في الليل، ويوم اقتربوا من الشام نام وسط القافلة فأتى أسد في الليل -حيدرة وما أدراك ما حيدرة! - الأسد ليس بذئب ولا كلب ولا ثعلب، الأسد إذا زمجر يخلي الحارة من سكانها -يحكى أن ليثاً دخل من غابة إلى عاصمة أسبانيا مدريد فأعلنت حالة الطوارئ في العاصمة- يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر:٥٠ - ٥١] الأسد هذا أمره عجيب! ولذلك يقولون: أشجع العرب من يقتل الأسد بالعصا، وما حدث هذا في التاريخ إلا مرة من أحد أمراء الأردن، فقد سمع بأن أسداً دخل عمان -وهذا في عهد المتنبي في القرن الثالث- فأخذ عصا -لكن عصا ليست صغيرة تنكسر- بل لو ضرب الحمار بها لمات، وقد كان الأمير من أشجع الناس، فترك السيف في البيت لأن السيف كل إنسان إذا ضرب به أصاب، أما سلاح البنادق فالنساء والجبناء والأطفال كلهم شجعان بالسلاح الناري.
فأخذ السوط بيده وأخرج عصا قوية مديدة والتقى هو والأسد والناس على سطوح المنازل ينظرون إليه، فتقدم الأسد فوثب على الأمير، فوثب الأمير على الأسد فضربه على هامته، ثم ضربه على هامته ثم ثنى ثم ثلث حتى ضربه سبعاً فقتله.
يقول المتنبي:
أمعفر الليث الهزبر بسوطه لمن ادخرت الصارم المسلولا
يقول: هذا بالعصا فكيف إذا خرجت بالسيف؟ لمن ادخرته؟
فسلط الله على ابن أبي لهب أسد، أتى يتشمشم الناس وهم نائمون، فكان يفتح الإنسان عينيه فينظر إلى الأسد فيغمض، ماذا يفعل؟ يعض الأسد أو يقوم ليخانق الأسد؟ كان الإنسان إذا فتح عينيه ورأى نيوب الأسد كالأصابع غمض وسكت مكانه منتظراً للموت، ولكن الأسد يريد ابن أبي لهب لأنه مرسول من الله على رجل، فكان يشم هذا فيتركه، فيشم الثاني فيتركه، ولسان حاله يقول: أنت لم تنطبق عليك الوصفة أو العنوان خطأ، فيصل إلى ابن أبي لهب فاعتلف رأسه وأكله.
وهذا ثابت في السيرة وهو من دعائه -عليه الصلاة والسلام- إلى غير ذلك من الأدعية التي ليس هذا مجال بسطها.