أولاً: لماذا ننسى عدونا الأكبر ونختصم فيما بيننا؟ هل انتهينا من حرب النصرانية العالمية، واليهودية، والعلمانية، وهي تفرخ وتعشعش في عقر دارنا، هل وقفنا ضدها؟ أين أهل هذه الردود من الصولات والجولات التي تعرفونها من أولئك؟ أين أصواتهم؟ أين تكبيراتهم؟ أين كتبهم؟ أين محاضراتهم؟ أين أشرطتهم مع أناس تربوا في وكر الماسونية، وفي مخادع الماركسية، وعلى موائد العلمنة؟ فأين هم لا نراهم إلا على الدعاة وطلبة العلم في مسائل فرعية، أو في إشغال للأمة بجزئيات يجوز فيها الاختلاف؟!
هل هجر مالك الليث؟ أو هجر أحمد الشافعي لأنه خالفه؟ لقد اختلفوا في فروع، وصلى بعضهم وراء بعض، ودعا بعضهم لبعض، بل قال الإمام أحمد لـ ابن الشافعي:"أبوك من السبعة الذين أدعو لهم وقت السحر" فبالله كيف نحاكم هؤلاء الذين اشتغلوا بالصالحين، وطلبة العلم والعلماء، يلقطون عليهم كلمات محتملة عامة، مائعة أحياناً أو عائمة، ثم يأخذون منها نقداً ويضخمونها، ويبرزونها، ويوغرون صدور الجيل الناشئ الذين يريدون صفو الكتاب والسنة, كيف نحاكمهم؟
أقول لهم: أين أنتم عن الصولات والجولات، هل لكم كتب في الردود على هؤلاء؟ هل لكم محاضرات أو كتب ضد اليهودية والماسونية والعلمانية والماركسية أم لا؟!
أتى رجل إلى جعفر الصادق فاغتاب مسلماً عنده، فقال له: اسكت، هل قاتلت الروم؟ قال الرجل لا.
قال: هل قاتلت الفرس؟ قال: لا.
قال: هل قاتلت الترك -يوم كانوا مشركين-؟ قال: لا.
قال: يسلم منك الروم والترك وفارس ولا يسلم منك أخوك المسلم!!
سبحان الله! أين جهاد هؤلاء؟! أين المواقف المشهودة التي يقفها هؤلاء؟! والله! إن موقفاً واحداً لداعية أمام فروخ العلمنة الذين أتوا بالأفكار الغربية، يتكلمون بألسنتنا، ويشربون ماءنا، ويستنشقون هواءنا، وهم مشحونون بآراء كافرة ملحدة من الداخل, إن وقوف داعية أمامهم أحسن من مؤلفات هؤلاء ومئات أضعافها وأشرطتهم، بل أحسن ربما من كثير من دروس تشتت شمل الأمة وهذا قطعاً لا شك فيه.
لكني أقسم من باب:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب